لقد انتخب الناس التغيير، وهو أقل ما يتوقعونه من نوابهم، لذا فإن أول واجبات النواب تجاه الناخبين هو الإتيان برئيس مؤهل لقيادة المجلس في المرحلة القادمة ويعيد للرئاسة هيبتها، وعلى الحكومة قراءة إرادة الناس بالتغيير وعدم فرض استمرار الأوضاع المتردية عليهم.
على الرغم من أن نتائج الانتخابات بثت روح التجديد والتغيير في الحياة السياسية، فإنه سيستمر الجمود والأوضاع العامة المتردية طالما افتقر التغيير إلى العناصر الأخرى المستحقة لإحداثه، وهي عناصر تشكل الحد الأدنى لتسمية المرحلة المقبلة بـ«الجديدة»... ومن هذه العناصر اختيار رئيس الوزراء وتشكيل حكومته واستعداده للتصدي للاستجوابات التي قد توجه إليه.بديهياً، فقد ضاعت فرصة التجديد في رئاسة الوزراء وأصبح الشيخ ناصر المحمد واقعاً ليس لنا إلا التعامل معه، ومع نشر هذا المقال ربما يكون قد تم الإعلان عن التشكيل الحكومي، ولست أعول على ذلك كثيراً، فإن خابت خيارات الشيخ ناصر المحمد في خمس مرات سابقة، فلا يتوقع منها أن تصيب في السادسة، أما استعداده للتصدي للاستجواب فالزمن سيرينا ذلك، ولست أعول على ذلك أيضاً لإيماني بأن المشكلة نفسية وتقليدية متجذرة.يبقى العنصر الأخير للتغيير والتجديد المستحق في 31 مايو هو انتخاب رئيس مجلس الأمة، الذي يأتي بعد مرور عشر سنوات منذ تولي النائب جاسم الخرافي سدة الرئاسة في عام 1999، وهي عشر سنوات اتسمت بتسارع وتيرة الانحدار في العمل السياسي وشيوع الفساد والفوضى والتعصب القبلي والطائفي والطبقي وانحدار لغة الحوار في المجلس والإعلام، وبالطبع لن أكون موضوعياً إذا حملت الخرافي المسؤولية المباشرة لكل ما سبق، ولكنها الموضوعية والإنصاف بعينهما أن يُحَمَّل الخرافي جزءاً كبيراً منها، فرئيس مجلس الأمة بيده كثير من خيوط اللعبة بحكم منصبه الرفيع على رأس السلطة التشريعية وثقله السياسي عند القيادة السياسية ووسائل الإعلام.لقد مرت عشر سنوات لم نحظ خلالها برئيس يحفظ للمجلس استقراره بعد حله ثلاث مرات وتكاثر الأزمات المفتعلة والاستجوابات التعسفية، ولم نحظ برئيس يحفظ للرئاسة دورها بعد شيوع الفوضى داخل المجلس وانحدار لغة الحوار والتهجم الجسدي والتراشق بالألفاظ و«القلاصات» بين النواب، ولم نحظ برئيس يحفظ للرئاسة قدرها وهيبتها فينقل وجهة نظر المجلس ونبض الشارع بشموخ وعزة إلى القيادة السياسية وليس العكس.لقد انتخب الناس التغيير، وهو أقل ما يتوقعونه من نوابهم، لذا فإن أول واجبات النواب تجاه الناخبين هو الإتيان برئيس مؤهل لقيادة المجلس في المرحلة القادمة ويعيد للرئاسة هيبتها، وعلى الحكومة قراءة إرادة الناس بالتغيير وعدم فرض استمرار الأوضاع المتردية عليهم، فإن لم تكن الحكومة تجرؤ على دعم رئيس آخر للمجلس، فلترفع يديها عن انتخابات الرئاسة وتجعله خياراً نيابياً، وذلك أضعف الإيمان.إن كان يراد للمرحلة القادمة أن تكون جديدة فعلاً فيجب الانفصال عن معالم المرحلة الماضية، ومنها وجود جاسم الخرافي على منصة الرئاسة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
أقل ما نستحق... رئيس مؤهل وذو هيبة
28-05-2009