تفشي السلبية أول معالم انهيار الدولة

نشر في 24-09-2008
آخر تحديث 24-09-2008 | 00:00
 أحمد عيسى مع تعمق الفساد داخل مؤسسات الدولة، وغياب مبدأ الثواب والعقاب، وانعدام القانون، وتوسيد الأمر لغير أهله، وفشل الحكومة في إدارة الدولة، وتحول البرلمان إلى حائط مبكى، لا يمكن استغراب تفشي حالة الإحباط، وتنامي السلبية داخل المجتمع الكويتي.

الحوادث الأخيرة التي شهدتها الكويت، بينت أن المجتمع الكويتي تحول إلى مجتمع سلبي، جلّ همه الانتقاد، وتوجيه أصابع الاتهام، والاكتفاء بذلك، دون أن يقابل ذلك أي تحرك فعلي على الأرض، فالكويتيون اكتفوا بالتندر و«التحلطم»، كطريقة للتعبير عن سخطهم تجاه ما يرونه من مقدمات لانهيار الدولة.

انتهت المحكمة الدستورية الأسبوع الماضي إلى تصويب خطأ شاب إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الخطأ لم يكن بسيطا، بل كان بإسقاط آلاف الأصوات من مجمل ما حصل عليه نائبان، وإعلان مرشحين بدلا عنهما نائبين في مجلس الأمة، فكان أن ساهما في التصويت على اختيار الرئاسة واللجان، بل والمشاركة في أعمال البرلمان، وهما اللذان وصلا إليه بطريقة غير قانونية.

ثاني الأحداث، كان بتحويل قيادي في جهاز أمن الدولة إلى التحقيق بتهمة رفع القيود الأمنية عن مطلوبين، ما سهل لهم دخول البلاد والخروج منها، والمأساة أن من قاد ضابط أمن الدولة إلى فعلته، كان ضابطا مسرحا من الاستخبارات العسكرية في الجيش، بتهمة التخابر مع دول معادية، ولمن لم يستوعب فإن عسكريا متهما بالتخابر مع أجهزة استخباراتية سُرّح من عمله، بلا عقوبة، وتُرك يعمل حتى استدرج ضابطا في أمن الدولة، للقيام بما قام به، فاكتشفت الاستخبارات البريطانية ما يقومان به، بعيدا عن رصد الدولة لما يدور في أهم أجهزتها الأمنية.

ثالث الأحداث، الفوائض المالية التي لا نجدها منعكسة على حال البلد، فنحن نرتاد نفس الشوارع التي ظلت على حالها منذ أن كان سعر برميل النفط 17 دولارا، وبقيت كذلك بعد أن سبح البرميل في بحر الـ80 دولارا، ومثل الشوارع نجد مستوى الخدمات الصحية، والتعليم والبريد، وغيرها من الخدمات العامة، بل على العكس، وجدنا لعنة ارتفاع سعر البرميل تضرب بشدة، من خلال العبث بالمال العام ورشوة الناخبين عبر توزيع الهبات والمنح وزيادة الرواتب، والحديث المتواصل عن رفع القروض السكنية وزيادة علاوة الأبناء، وسواها.

أخيرا وليس آخرا، مدى التردي الرياضي الذي بلغناه، ففيما نجد البرلمان يقر قوانين إصلاحية على الصعيد الرياضي، تبقى مسألة تطبيقها مرتبطة بأهواء ومصائر البعض، ونجد منتخباتنا تُمنى الخسارة تلو الأخرى، ودون أن نجد مسؤولا نحاسبه، وفي كل مناسبة نعود للتذكير بأن الكويت التي كانت تتفوق على نظيراتها الخليجيات والعربيات رياضيا، أصبحت بفضل قيادة عدد من أبناء الأسرة الحاكمة مثالا للفشل.

مأساتنا ليست فينا، بل في حكومتنا التي فشلت في إدارة الدولة، ويبدو أن فشلها سيسحب البلد إلى القاع، خصوصا حينما يتفرغ النواب لتخليص المعاملات ورشوة ناخبيهم، فيما لا يملك المواطن البسيط، في مواجهة هذا الواقع، سوى التذمر كوسيلة للتعبير عن سخطه لما آلت إليه أمور «باريس الخليج».

back to top