غزة وأمة الـ ...!
لعل البعض يتابع ما يجري في اليونان من عنف متواصل على مدى أيام عدة في العاصمة اليونانية أثينا، وهو العنف الذي بات يهدد استمرار الحكومة بأكملها. غير أن المتابع لتلك الأحداث قد يعتقد أن هناك ثورة أو أزمة كبيرة تحدث الآن في هذا البلد، لكن ربما يُصدم البعض عندما يعرف أن سبب هذه المظاهرات وما يصاحبها من عنف، هو قتل الشرطة لصبي عمره 15 سنة!وبقدر إعجابي بأن يقوم بلد بأكمله دون أن يقعد ويدخل في أزمة أشعلتها زهق نفس بريئة واحدة (مع أن هناك أسبابا أخرى)، فإني أشعر بالعار والخجل عندما أقارن ما يحدث في اليونان بما يحدث عندنا في الوطن العربي. فغزة تحت الحصار منذ أكثر من سنة ونصف السنة ومازال القطاع يتدهور يوما بعد يوم. الناس يعانون الجوع والقهر؛ فلا كهرباء، ولا ماء نظيفاً، ولا تعليم، ولا حياة آدمية، بينما العرب خاوون على عروشهم.
عيد يذهب وآخر يأتي والأمر لا يعنينا بينما نجد الناشطين الأوروبيين والأميركيين يُسيِّرون الرحلات البحرية كسرا للحصار ولنقل ما تيسر من الغذاء. وطن الـ250 مليون عاجز عن كسر حصار فرضه 5 ملايين صهيوني على إخواننا وأخواتنا في غزة- والضفة ليست بأفضل حال أيضا- مع أن لنا حدوداً مباشرة مع قطاع غزة! وما يثير الاشمئزاز أكثر هو معاناة أهل القطاع من انعدام الكهرباء الذي يهدد حياة المرضى في المستشفيات بينما تقوم إحدى الدول العربية بإمداد الكيان الصهيوني بالغاز!!عام بالضبط مضى على مؤتمر «التخريف» في «أنا إبليس»، ذلك المؤتمر الذي هروّل العرب نحوه وهم صاغرون، ظنا بأن الغرب سيتعاطف معهم ويرضى بإعطائهم بعض الفتات الذي لا يساوي شيئا مقابل التضحيات التي قدمها هذا الشعب الأبي، ومع ذلك فالأوضاع على الأرض أصبحت أكثر سوءا؛ فالمستوطنات في ازدياد، وطرد الفلسطينيين من بيوتهم في ازدياد، والحصار والتجويع والقتل في ازدياد. ومع ذلك مازالت حكوماتنا تعوِّل على سلام زائف لن يحدث أبدا بدلا من أن تتحد لفرض وضع جديد على الأرض وحماية الشعب الفلسطيني المظلوم من الجور الذي يتعرض له. و لكن ماذا عسانا أن نقول بعد أن تحولنا من أمة العرب إلى أمة... «الجرب»!