لا نريد أن نقسو على منظومة دول التعاون، ونتهمها بتجاهل الأزمة المالية، ولكن المتابع لآلية المنظمات الإقليمية الأخرى لابد أن يشعر بتقصير المنظومة الخليجية في متابعة آثار الأزمة المالية على دول الخليج، ورصد تحفيز وحماية مالية خليجية مستقبلية.
أقول ذلك بعد أن استنفر الاتحاد الأوروبي كل المفكرين ورجال الاقتصاد والأعمال لإيجاد الحلول، لإنقاذ بعض الدول الأوروبية الشرقية التي ما لبثت أن غرقت في بحار هذه الأزمة بعدما انطلقت نحو العالمية في الأسواق، وكرس الاتحاد جهود صندوق النقد الأوروبي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.أما نحن في دول التعاون فما عسانا إلا أن نتقوقع في الاجتماعات السياسية البعيدة كل البعد عن المأزق المالي الذي وقعت به الدول، وأصبحنا نطلق خطط التحفيز والإنقاذ لكل دولة بمنأى عن الأخرى، ففي الكويت مازال البرلمان يتفنن في أساليب الضغط تجاه الحكومة وخلط الرؤى السياسية بالاقتصادية، والمزايدات الشعبية للتشكيك في ترياق الأزمة المطروح، وبرأيي الشخصي فإن دور البنك المركزي الكويتي في هذه الفترة من أهم الأدوار على الإطلاق والمشروع المطروح مدروس بعناية.ومن «المركزي» الكويتي إلى «الإماراتي»، فبعد الغزو السياحي والاقتصادي للإمارات هذا الأسبوع، وأقصد غزو الكويتيين لإمارة دبي خلال عطلة العيدين الوطني والتحرير، غير عابئين بالتقارير الاقتصادية التي حاولت تشويه صورة الإمارة، فإن الإقبال المتصاعد على فنادقها ومراكزها السياحية خير دليل على استعادة الإمارة دورها وتفوقها في القطاع السياحي، الأمر الذي أهّلها لبلوغ المرتبة الأولى عربيا في قطاع الخدمات السياحية وجودتها، وقطاع التدريب التقني،Quality customer service، الذي اتفقت أغلب الدراسات على حاجة دول الخليج الماسة إليه وإلى المهارات المصاحبة له، إلى جانب قطاع العقار الذي أصبح محور مشاريع تحفيز الاقتصاد في دبي.الحملة التي أطلقتها دائرة المالية والتنمية العقارية في دبي، وواكبت اتجاه دول الخليج لإنقاذ اقتصاداتها، كانت هادفة لإنقاذ القطاع العقاري إلى جانب برنامج السندات الذي أطلقته حكومة الإمارات بقيمة 20 مليار دولار، حيث سيخصص جزء منه لتغطية ديون العقار وجدولة الديون المستحقة، والإطار الاقتصادي يهدف إلى مساعدة قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني شحا في السيولة.وقد أشارت إحدى دور البحوث التسويقية إلى أن نسبة 37% من ناتج دبي المحلي من مساهمة قطاع الجملة والتجزئة والسياحة... والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستقوم دول التعاون بالالتفات إلى اقتصادات السوق الخليجي في الظروف الحالية، واستخدام الإعلام الاقتصادي لنقل الصورة الصحيحة لما يجري في أسواق الخليج، وتجنيد القطاعات المالية المختلفة لخلق دعم مالي يتخلل العلاقات البينية الخليجية؟ ومن يدري فقد تجد الكفاءات الإدارية التي تم تسريحها من قبل القطاع الخاص في دولة خليجية، فرص عمل في دولة خليجية أخرى... في ظل الانكماش الاقتصادي وضعف إدارة المخاطر، ولعل اجتماع قادة التعاون يتخذ من الأزمة المالية على شباب الخليج شعاراً، ومن «صندوق ملياري» لضمان حماية دول خليجية قد تجرفها الأزمة، مشروعاً.وأخيراً فإمارة دبي تمثل قصة نجاح وتفوّق إمارة خليجية صنعت قطاعات مربحة وغير نفطية، وصنعت الكفاءات البشرية، وأتاحت لهم فرص العمل وتطوير المهارات.وعودة إلى عنوان المقالة «هل تجد دبي ترياقاً للأزمة المالية؟» فإن الإجابة نعم... وجدت وأثبتت فعالية القطاعات غير النفطية «الخدمات» في حماية الجزئية الخاصة بالتنمية البشرية من الاقتصاد، ولكن آن الأوان لتكريس جهود دول التعاون لإنقاذ المواطن الخليجي من تبعات الأزمات المالية واستثمار الطاقة البشرية الخليجية.***كلمة أخيرة: حادث الجهراء المؤسف! من المسؤول عن صيانة قاعات الحفلات؟ أليست وزارة «الشؤون»؟وكلمة أخرى: لم تنطلق في عيد التحرير كلمة «شعبية» تعزز المطالبة بعدم التفريط بحقوق استرجاع الديون الممنوحة، ولم يطالب نائب بتوثيق مصير الأسرى الكويتيين... «عسى ما شر»؟
مقالات
هل تجد دبي ترياقاً للأزمة المالية؟
03-03-2009