لا شيء، مما يسمى بالمجتمع الدولي، يوحي بأنه مجتمع يستحي! فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وهو الكوري الجنوبي التابعية، كان عليه أن ينتحر لو كان لديه بعض حياء أو شيء من وجدان، ذلك أن ما حصل في محرقة غزة لو كان قد حصل- بدرجة واحد في المئة- في بلاده لكان فعل ذلك!

Ad

والأمين العام للمؤتمر الإسلامي كان عليه أن يهيم على وجهه في الصحارى والبراري يولول ويصرخ: وامعتصماه، ولم يفعل، رغم كل الغضب العارم للشعوب الإسلامية، لاسيما في بلده تركيا التي أثبت شعبها بأنه لايزال شعباً مسلماً حياً رغم نظام العلمانية الذي يجثم على صدره رغماً عن إرادته!

والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كان عليه أن يختفي نهائياً من الشاشات، بل حتى من الذهاب إلى بيته، فلا أعرف كيف يواجه أطفاله وهم يتفرجون على زملائهم من أطفال غزة، وهم يشوون في محارق متطورة تنقل صورها على الهواء مباشرة وبالألوان، ويأوي إلى دار للعجزة في الربع الخالي إن كان بعد ثمة من يستقبله في مثل هذه الدور؟!

أعرف أن هذا الكلام أشبه بالمشهد الكاريكاتيري أو التهكمي منه إلى أي شيء آخر، ولكن القلم واللسان ظهرا وكأنهما أعجز من أن يكتبا شيئاً عن غزة هاشم، بعد كل الذي حصل ويحصل حولنا، حتى نحن من العاجزين في ظل وصمة العار التي لطخت جبين الإنسانية في مشاهد هولوكوست العصر، ومحرقة التاريخ الأشهر في غزة!

ولكن ليعلم كل من يهمه الأمر في العالم بأن ما بعد بعد غزة لن يكون مطلقا هو نفسه ما قبلها! فثمة جيل من الأطفال والكبار سيخرجون شاهرين سيوفهم على الناس، وهم كافرون بكل شيء اسمه مجتمع دولي أو إقليمي أو إسلامي أو عربي مسالم! فالشرخ الذي بينكم وبين من سيخرج أو يتبقى سالما من مذبحة ومحرقة غزة، بات أكبر مما تتصورون أيها السادة المتفرجون من كل ملة وطائفة أو مذهب أو دين!

الهوة لن تردم بأي مشروع إعمار أو صندوق مساعدة أو إعادة تأهيل أو أي عمل

«إنساني» تقومون به، وتظنون أنكم ستقدمونه تعويضا عن تقصيركم تجاه الحرب المجنونة على غزة! إنه العار ياعرب!! إنه العار يا مسلمون!! إنه العار يا من تسمون أنفسكم بالمجتمع الحر التقدمي، وتزعمون بأنكم المعيار والمقياس للسلوك البشري المرتجى!

لقد سقطتم جميعا في بحر دماء غزة، سقطتم في كل الامتحانات، ولا مكان ولا موقع لكم بعد غزة سوى المنافي والصحارى والبراري لتهيموا على وجوهكم كما فعلت إرادة الله مع بني إسرائيل في التاريخ عندما تركههم في التيه!

عالم ماقبل غزة إذن أصبح في مهب الريح العاتية التي تنتظره على يد من نجا من غزة، ولن يسكت إلا بعد الانتقام لقتلة الأبرياء والمقاومين الشرعيين عن الإنسانية انطلاقا من غزة!

صدقوني ستكتشفون العجب العجب، وستكون ظاهرة ما تسمونه اليوم بالإرهاب ليست سوى نزهة أمام ما ستواجهونه من ظواهر عجيبة سترونها في كل ساحة، نعم مجرد نزهة أمام ما ينتظر عالم ما بعد بعد غزة!

كل التشكيلات والتنظيمات والأسس التي قام عليها عالم ما قبل غزة لن يكون صالحا لمواجهة ما ينتظركم وينتظرنا جميعا في تجاعيد وتضاريس ما بعد غزة!

لا أمم متحدة ولا مؤتمر إسلاميا ولا جامعة عربية ولا قممكم جميعا التي تعقد الآن أو ستعقد في ما بعد، سيكون لها أي أثر، أو تكون دواء ناجعا لمسح دموع ما بعد غزة، ناهيكم عن غضب ما بعد غزة العارم جداً!

لن يستوعب أي شكل من أشكال التنظيمات الدولية بعد اليوم تنظيم عالم ما بعد غزة، وما لم تغيروه بأيديكم فإن أحداً ما أو حدثاً ما مدوياً سيجبركم على تغيير عالمكم الذي تستكينون إليه، وتسترخون فيه في كامل الدعة!

وعليه نقول: الحذر الحذر مما ينتظرنا وينتظركم في ما بعد بعد غزة! ليس المقصود هنا تهديد أحد ولا ترهيب أحد ولا تضخيم حدث متوقع، ولكن صدقوني إنه التعبير والوصف المخفف لما ينتظرنا وينتظركم، بعد أن قصرنا وقصرتم، إن لم نكن لطخنا ولطختم أيدينا وأيديكم بمذبحة غزة، سواء فعلنا ذلك عن قصد أو دون قصد!

فاستعدوا يا سادتي إذن لعالم ما بعد بعد غزة، ويوم الحساب الدنيوي اليوم عسير، فما بالكم بيوم الحساب الأخير، حساب الآخرة الأشد إيلاما والأكثر وجعا! فـ«بقية السيف أنمى عدداً وأكثر ولداً» كما يقول المأثور الإسلامي.

دمتم سادتي جميعا سالمين لما بعد بعد غزة، وحساب الآخرة أشد وأكثر وجعا إن كنتم تعلمون!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني