لم يُوفَّق الشيخ حسن نصرالله في مرافعته «المتلفزة» التي نفى فيها الاتهامات المصرية لحزبه «حزب الله» بأنه ضالع في مؤامرة ضد مصر وأمنها، وأنه من خلال عضو فيه أُرسل لهذه الغاية، أقام شبكة خططت باسم مساندة الفلسطينيين في غزة للقيام بعدد من العمليات ضد أهدافٍ في قناة السويس، وضد بعض البعثات الأجنبية في القاهرة نفسها.

Ad

اعترف حسن نصرالله بأن الشخص الذي أقام الشبكة التي ضبطها الأمن المصري وأودعها السجن منذ نوفمبر الماضي عضوٌ في حزبه، وأنه أُرسل إلى مصر ليقدم الدعم «اللوجستي» إلى المقاومة في غزة عبر الحدود المصرية- الفلسطينية، وبالطبع فإن زعيم «حزب الله» نفى أن حزبه يتدخل في أي شأن عربي داخلي، مع أنه هو نفسه كان قد ملأ شاشات الفضائيات -نقلاً عن شاشة فضائية «المنار»- تحريضاً على نظام الرئيس مبارك، ومطالبةً للشعب والجيش المصري بالقيام بعصيان مدني ضد هذا النظام والانقلاب عليه.

ولعل ما أكد تهافت الحجج، التي ساقها حسن نصرالله لنفي التهم التي وجهتها مصر إليه وإلى حزبه، أنه ثبت أن عضو «حزب الله» الذي أُرسل بحجة تقديم الدعم «اللوجستي» للمقاومة الفلسطينية كان قد جاء الى القاهرة قبل حرب غزة بفترة طويلة، وأن إلقاء القبض عليه تم في نوفمبر الماضي، أي قبل نحو شهر وعشرة أيام من اندلاع هذه الحرب، مما يدل على أنه كانت هناك مهمة غير المهمة التي تحدث عنها «سيد المقاومة» وصاحب «الانتصار الإلهي» في إطلالته التلفزيونية الآنفة الذكر.

غير ممكن ولا يُعقل أن يقوم شخص واحد يُرسل من لبنان إلى مصر بتقديم الدعم «اللوجستي» إلى غزة بمفرده، حتى لو كان بإمكانات بطل أفلام الجاسوسية المعروف جيمس بوند، فمثل هذا الدعم يحتاج الى شبكة بشرية مدربة، وإلى إمكانات هائلة، وإلى وسائط نقل متنوعة، وإلى تعاون أجهزة الأمن المصرية، وإلى دولة لا تشتهر مخابراتها بأنها من أكفأ المخابرات العربية والأجنبية.

ولذلك فإن قصة قيام هذا البطل الأسطوري وحده، الذي بعثه «حزب الله» من لبنان الى القاهرة ليقوم وحده، أو بمعاونة عشرة أشخاص، بتقديم الدعم «اللوجستي» إلى غزة لا يمكن تصديقها، رغم كل ما ضمَّنه حسن نصرالله من بلاغة وإعجاز لمرافعته «المتلفزة» التي لم يظهر مهزوزاً وغير مقنع، كما ظهر خلالها، على مدى تاريخ صولاته وجولاته اللغوية والخطابية.

إن ما قاله «سيد المقاومة» في هذه المرافعة غير مقنع وغير صحيح، والصحيح ان «حزب الله» الذي يُمثِّل، كما قال السيد علي الأمين، الخطَّ الإيراني في هذه المنطقة، قد حاول باسم دعم المقاومة وتقديم الإسناد «اللوجستي» إلى غزة، إقامةَ شبكة للاستخبارات الإيرانية في مصر، فالمعروف أن إيران استهدفت هذه الدولة العربية منذ فجر انتصار ثورتها الخمينية، وأنها لجأت الى تكثيف هذا الاستهداف وزيادته في السنوات الأخيرة، خدمةً لتطلعاتها إلى أن تصبح الرقم الرئيسي في المعادلة الشرق أوسطية.

كان لابد من إضعاف مصر وإغراقها في مشاكل أمنية داخلية كثيرة، حتى تُحقق إيران تطلعاتها في هذه المنطقة. والمعروف، رغم بلاغة السيد حسن نصرالله في نفي هذه الحقيقة، أن «حزب الله» كان قد اعتُمِد منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي كذراع لفيلق القدس التابع لحرس الثورة، وأنه كُلِّف، خدمةً للتطلعات الإيرانية في هذه المنطقة، بالتدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية المستهدفة، من بينها العراق ومصر واليمن والبحرين... والأردن خلال فترة سابقة.

كاتب وسياسي أردني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء