تجارة إقامات... ممنوع الاقتراب!
إذا كانت الحكومة لا تستطيع أن تعيد صياغة سياستها الخاطئة تجاه العمالة الهامشية نتيجة لضغوط المتنفذين وأصحاب المصالح، فإننا نتمنى أن يفتح أعضاء مجلس الأمة هذا الملف الخطير والشائك، وألا يكتفوا بالتصريحات الصحافية المستهلكة التي تعدها مكاتب العلاقات العامة لديهم.
الإضرابات العمالية التي قام بها عمال النظافة أخيراً لا نعتقد أنها ستكون الأخيرة، بل من المتوقع أن تستمر الإضرابات التي من الممكن أن تتحول إلى أعمال شغب كتلك التي حصلت قبل سنوات في منطقة خيطان. وقد يترتب عليها إحراجات دولية قد تصل إلى التدخل الدولي في شؤوننا الداخلية تحت مبرر سبق أن تطرقت إليه تقارير دولية، هو «المتاجرة في البشر»، لذا فإن هذا الموضوع يجب ألا يمر على الحكومة ومجلس الأمة من دون وقفة جادة تتعدى التصريحات الإعلامية التي «لا تودي ولا تجيب». لابد أن يُفتح ملف العمالة الهامشية بشكل عاجل، لأن الوضع لا يحتمل المزيد من التأخير في معالجة هذه المشكلة من جذورها والنظر في الوقت نفسه في الأوضاع المأساوية التي تعانيها هذه العمالة غير الماهرة التي تشكل عبئاً تنموياً، بعد أن قدمت إلى البلاد تحت وهم تحقيقها مصدراً للدخل يوفر العيش الإنساني الكريم لها ولأسرها. قد يقال إن هناك سياسة حكومية، ولكن هذه السياسة، إن وجدت، فإن الممارسة الفعلية قد أثبتت فشلها الذريع، لذا فلا مناص من إعادة رسم سياسة عامة واضحة ومحددة لاستقدام واستخدام العمالة الوافدة بشكل عام، والعمالة الهامشية بشكل خاص تأخذ في الاعتبار مدى الحاجة التنموية إلى هذه الأعداد البشرية الضخمة التي تحمل ثقافات ولغات وعادات وسلوكيات وأخلاقيات متنوعة، وما يترتب على وجودها بهذه الكثافة من مشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وأخلاقية. إن طبيعة الأعمال التي تمارسها العمالة الهامشية والظروف المعيشية الصعبة التي تعانيها، علاوة على قضية المتاجرة بها، هو ما جعل منظمة العمل الدولية تصف، قبل فترة، نظام الكفيل المعمول به في الكويت بأنه عودة إلى عهود الرق. هذا النظام المتخلف الذي يشجع تجار الإقامات على تكوين ثرواتهم على حساب هؤلاء الفقراء من دون أدنى اعتبار للمصالح الوطنية. أما إذا كانت الحكومة لا تستطيع أن تعيد صياغة سياستها الخاطئة تجاه العمالة الهامشية نتيجة لضغوط المتنفذين وأصحاب المصالح، فإننا نتمنى أن يفتح أعضاء مجلس الأمة هذا الملف الخطير والشائك، وألا يكتفوا بالتصريحات الصحافية المستهلكة التي تعدها مكاتب العلاقات العامة لديهم، فقضية التركيبة السكانية وانعكاساتها المختلفة من القضايا التنموية التي يتعين أن يركز عليها أعضاء المجلس بدلا من تركيزهم، في الغالب الأعم، على قضايا مصلحية وهامشية يدخل أغلبها في صلب الأعمال اليومية للسلطة التنفيذية ولا يمس، أبداً، جوهر السياسات العامة التي من المفروض أن تنصب رقابتهم عليها. لكن السؤال هنا هو، ترى هل يستطيع أعضاء المجلس بما يملكونه من أدوات دستورية الاقتراب من تجار الإقامات؟ أم انهم ليسوا بأحسن حالاً من الحكومة؟