جيش مجلس الأمة
ما لم يخرج أعضاء مجلس الأمة ليبرروا الحاجة لمضاعفة عدد السكرتارية، فسيبقى قرار مكتب المجلس موضع شك واستمراراً للعقلية السائدة حول طبيعة عمل سكرتير النائب المتمثلة في التنفيع وتخليص المعاملات وهدر المال العام.ربما هي المفارقة أن ألتقي بعض مساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي في النهار أثناء وجودي حالياً في واشنطن، ثم أفتح الصحف الكويتية ليلاً فأجد خبراً يتصدر صفحاتها حول مضاعفة عدد سكرتارية أعضاء مجلس الأمة ليصل مجموعهم إلى 750 بواقع خمسة عشر سكرتيراً لكل نائب.
يجب الإقرار، أولاً، بأهمية الدور المنوط بمساعدي أعضاء البرلمان، إذ تجد النائب- وهنا أتحدث بشكل عام وليس عن نوابنا- يعتمد على مساعديه في البحث وتجميع المعلومات وتحليلها، وصياغة القوانين، وتسويق أفكار النائب لدى النواب الآخرين، ومتابعة الرأي العام، واطلاع النائب على آخر المستجدات العملية والعامة، وإدارة مهمة العلاقات العامة مع وسائل الاعلام. إذن يمكننا القول إنه من المستحيل أن يكون العمل البرلماني مثمراً ما لم يكن لدى النائب مساعدون يعنون بالعمل المساند له حتى يتفرغ هو للتعاطي السياسي مع القضايا. المساعدون الأميركيون الذين التقيتهم معنيون بلجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، يحملون شهادات بكالوريوس وماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية والإعلام والقانون، بعضهم مختص في شؤون الشرق الأوسط وسبق أن قضى بعضاً من الوقت في عدد من الدول العربية، لذلك تجدهم في بعض الأحيان أكثر اطلاعاً من النواب، ومن مهامهم مساعدة النائب على اتخاذ القرارات والمواقف المناسبة عبر تقديم المشورة إليه، ناهيك عن اضطلاعهم بمهمة صياغة مشاريع القوانين بالنيابة عن نوابهم. أما في الكويت فقد تم إعادة تعريف مهمة سكرتير النائب، إذ أصبح دوره انتخابياً بحتاً، فإما هو مفتاح انتخابي مهمته التفرغ لعملية جمع الأصوات حتى تأتي الانتخابات القادمة، أو موظف تخليص معاملات يتسلمها من الناخبين ويجوب بها أروقة الوزارات لإنجازها، أو أنه انتدب سكرتيراً إرضاءً لهذه الجماعة أو تلك، أو هو موظف بلا وظيفة يتسلم راتباً، بينما يجلس في بيته. مع استثناء القلة القليلة جداً من السكرتارية المجتهدين والمخلصين.ما لم يخرج أعضاء مجلس الأمة ليبرروا الحاجة الى مضاعفة عدد السكرتارية، فسيبقى قرار مكتب المجلس موضع شك واستمراراً للعقلية السائدة حول طبيعة عمل سكرتير النائب المتمثلة في التنفيع وتخليص المعاملات وهدر المال العام، إذ ان التبرير الذي يطرح نفسه حالياً هو أن زيادة حجم القاعدة الانتخابية في الدوائر الخمس يحتم زيادة عدد المفاتيح الانتخابية ومخلصي المعاملات الذين يطلق عليهم مجازاً سكرتارية.Dessert:في الكونغرس يسمون «مساعدين» بينما في مجلسنا يسمون «سكرتارية»... وفارق التشبيه بين التسميتين له دلالات عديدة.