إن ما أقصده بالعقلية القبلية هي العقلية أو المسلكيات التي توارثناها نتيجة أصولنا الصحراوية التي مازلنا نحمل الكثير منها وبدرجات متفاوتة سواء نحن الآن كنا بدوا أم حضرا أم «أبناء القبائل».

Ad

وصلني الرد التالي من الزميل بدر صالح العدواني الكاتب في جريدة «الصباح» حول ما يشكل في رأيه الفرق بين «مصطلح العقلية القبلية والعقلية البدوية» خصوصا فيما يخص موقع المرأة والتعامل معها:

«الخجل من ذكر اسم المرأة عادة نجدية؛ لأن المندفعين من شباب نجد المتحمس كانت لهم ردة فعل عنيفة بعد ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب- رحمه الله- نتيجة ما سبق تلك الدعوة الطيبة من انحرافات سلوكية وفكرية وعقائدية كان للدعوة بعد الله الفضل في القضاء عليها؛ (نحن نتحدث هنا عن جوانب فكرية أثرت على المجتمع؛ أما المواقف السياسية لمن تبنى الدعوة الوهابية فهذا موضوع آخر). وفيما يختص بالانتماء القبلي لأهل نجد فإن هذا صحيح لكنهم ليسوا بدوا؛ وحتى هجراتهم كانت تخرج من مستقر إلى مستقر آخر، ولم يكونوا متنقلين في الصحارى بحثا عن الماء والكلأ، فما يتبنونه مما نراه نحن تشددا مبالغا فيه يمكننا إرجاعه للعقلية القبلية.

أما فيما يتعلق بالفرق بين العقلية القبلية والعقلية البدوية فهو أن العقلية القبلية متعصبة إلى الحد الذي يجعل من يتبناها يفضل ابن قبيلته ولو كان سيئا على أبناء القبائل الأخرى ولو كانوا جيدين؛ وهذا النمط من التفكير المتعصب تتبناه أيضا مجموعة من أهل الحاضرة ذوي الأصول النجدية.

أما العقلية البدوية الأصيلة فتتبرأ من الرديء ولو كان أخا أو ابن عم؛ وقد تخلى سكان ما يسمى بالمناطق الخارجية عن هذا المبدأ النبيل الذي اعتمده أجدادهم ولم يعد يحافظ عليه إلا القلة القليلة من القابضين على الجمر؛ فأعاننا الله وإياهم على التمسك بالحق.

كذلك تتسم العقلية القبلية بالتشنج بينما تتسم العقلية البدوية بالانفتاح؛ ولتوضيح هذا الأمر أسوق مثالا نبهتنا له الدكتورة دلال فيصل الزبن حين كنا طلابا عندها في الجامعة: فقد أوضحت الدكتورة أن المرأة في بيوت حاضرة الكويت قديما كانت تحاسب حتى على وقفة عابرة عند شباك البيت؛ ولم يكن من يرتبط بها يعرف عنها شيئا. أما المرأة البدوية فكانت ضمن إطار التستر والاحتشام تسرح بالغنم في الصحراء المفتوحة فيراها الرجال وتراهم؛ وكان من يختار له زوجة يعلم تماما ما هو شكلها وهي كذلك؛ فلم تكن ليلة العرس بالنسبة لهم صدمة كما كان حال الحضر النجديين. فمسلك الحضر النجديين كان يمثل العقلية القبلية المتشنجة التي يتبناها الآن في القرن الحادي والعشرين كثير ممن اُصْطُلِحَ على تسميتهم بالبدو رغم أنهم ليسوا من البداوة في شيء».

وأشكر الزميل العدواني على المداخلة القيمة، وأوضح مجددا بأن ما أقصده بالعقلية القبلية هي العقلية أو المسلكيات التي توارثناها نتيجة أصولنا الصحراوية التي مازلنا نحمل الكثير منها وبدرجات متفاوتة سواء نحن الآن كنا بدوا أم حضرا أم «أبناء القبائل».