لست مع من أفرط في التفاؤل، وتوقع أن حكاية «الحجاب» وتداعياتها لن تؤثر كثيرا على حظوظ المرشحة أسيل العوضي، وأن الأمور ستأخذ منحى عكسيا لتصب في مصلحتها، وتزيد من شعبيتها، بل تكسب من خلالها مزيدا من الأصوات المؤيدة التي تمكنها من احتلال المركز الأول في دائرتها!

Ad

من يقول هذا الكلام إنسان حالم، بعيد كل البعد عن إدراك واقعه المؤسف، ويرى الدنيا من حوله زاهية جميلة براقة، يخدعه البصر فيفتقد البصيرة، ليظن أن مجتمعه قد بلغ مستوى من الوعي يجعله قادرا على التمييز بين أهل الحق وأهل الباطل، بين الصادقين والكاذبين، وبين الحقائق الناصعة والمغالطات الواضحة!

ما رأيته، وما سمعته، وما لاحظته، من ردود فعل على هذه القضية، من خلال تصفحي للمدونات والمنتديات والصحف الإلكترونية ومتابعتي للقنوات الفضائية لا يبشر بالخير أبدا... ويعطي مؤشرا واضحا عن تدني وعي الناخبين، وسهولة وقوعهم في الفخ الذي ينصبه البعض لهم!

والحقيقة المرة التي ننكرها كل مرة، هي أننا شعب تفتقد الأغلبية فيه النضج الفكري والثقافي والسياسي، ومن السهولة بمكان أن يسيّرنا الآخرون بكذبهم وتدليسهم كيفما يشاؤون، لأننا كسالى، لا نتجشم عناء البحث عن الحقيقة بإشغال الذهن، ولأننا انفعاليون، وردود فعلنا على الدوام عاطفية هوجاء ضد كل من يُتَّهم بمهاجمة الدين، ولدينا رغبة جارفة– لا أجد لها سببا معقولا- لتصديق كل ما يقال عنه، أو يتهم به!

ما أخشاه، وما أنا شبه متأكد منه، هو أن الدكتورة أسيل العوضي قد تكبدت الكثير من الخسائر بسبب هذه الحملة العنيفة التي شنت عليها، وسوف تتيقنون من صحة كلامي حين تظهر نتائج الانتخابات، حيث سيتبين لكل المتفائلين بانتصار سهل يسير، أن أكثر قومنا في المسائل الدينية، يلغون العقل تماما ويتبعون العاطفة، ويخوضون مع الخائضين في ضمائر وقلوب الناس، وما أسهل ما يتهم المرء في دينه، وما أسهل ما يصدق الناس كل ادعاء ظالم، دون أن يتفكر أحدهم ولو للحظة في صحة الادعاء ومعقوليته!

أرجو أن أكون مخطئا ومبالغا في توقعاتي وتقديراتي... وأن يكون الإخوة الحالمون المتفائلون على حق في تفاؤلهم... وألا تتأثر أصوات الناخبين في الدائرة الثالثة بهذه الحملة الشنيعة المعروفة أهدافها، والتي تحمل نفسا «سلفيا- حدسيا» ناصع الصفاء والنقاء!

***

رحم الله من قال:

أظهروا للناس زهدا ... وعلى الدينار داروا

وله صلوا وصاموا ... وله حجوا وزاروا

لو يرى فوق الثريا ... ولهم ريش لطاروا

***

بعض المذيعين الجدد في القنوات الفضائية لا يزالون يجهلون أبسط مبادئ تقديم البرامج الحوارية، وهي أن المشاهد يرغب في الاستماع إلى الضيف لمعرفة رأيه وموقفه من القضايا المطروحة على الساحة، لا أن يستمع لرأي المذيع الفلتة الذي يقاطعه في كل صغيرة وكبيرة، وينتقل من سؤال إلى آخر قبل أن يتم الضيف إجابته عن السؤال الأول، وإذا حدث– وهو أمر نادر الحدوث- واسترسل الضيف في كلامه، قاطعه المذيع ليقول له: سأعود إلى هذه النقطة... سأعود... مسجلة عندي!

يا سيدي دعه يكمل كلامه، واشطب سؤالك الذي كنت ستسأله عنه، يعني لازم الأسئلة بالترتيب!!

***

قال مارك توين: « ليست سعادة الأمم بكثرة أموالها، ولا بقوة استحكامها، ولا بجمال مبانيها، إنما سعادتها بأبنائها الذين تثقفت عقولهم، وحسنت تربيتهم، واستنارت بصائرهم، واستقامت أخلاقهم... ففي هؤلاء سعادتها الحقة، وفي هؤلاء قوتها وعظمتها الجوهرية».

تُرى كم واحدا من هؤلاء ستمنحنا الانتخابات القادمة؟!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء