هل تقبلون بهذا التعديل يا شيخ؟

نشر في 12-08-2008
آخر تحديث 12-08-2008 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر

نقول للشيخ الصديق والزميل الدكتور محمد الصباح إننا نخالفك الرأي، وان الوقت والذوق العام الكويتي مهيآن لتعديل الدستور، لكن ما ينقصنا هو الإرادة الحقيقية لذلك، فتعديل الدستور مرهون بمقدمات ومتطلبات أساسية بعضها إجرائي والآخر موضوعي، فما هو مدى الاستعداد للاقتناع والإيمان بمثل هذه المتطلبات؟

تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح بشأن تعديل الدستور، بحاجة إلى تأمل ووقفة كبيرة تليق بحجم وأهمية هذه الوثيقة التي تعد أساس وجود الدولة وعمودها الفقري وقلبها النابض، وكلمات الشيخ محمد الصباح في هذا الشأن تحرك مياهاً ساكنة سياسياً وتفتح آفاق النقاش بشكل جيد لرؤى جديدة ومعاصرة للتطور السياسي في دولة الكويت.

ولكن لم تكن كلمات الشيخ محمد موفقة في كيفية التعاطي مع هذا السؤال الصعب، بل لم تكن ردة فعله على هذا البند المفاجئ في لقاء «قناة العربية» معدا لها، وواضح أن ذلك أوقعه في حرج وتناقض كبيرين على مستوى شخصية دبلوماسية عريقة وأكاديمي مخضرم، وباختصار فقد جاء رد الوزير على تعديل الدستور من دون طعم ولا رائحة عندما قال نعم لتعديل الدستور، ولكن الوقت غير مناسب، فببساطة شديدة إن لم يكن الوقت مناسباً لتعديل الدستور فلا حاجة للتعليق على ذلك أو يفترض أن يكون الجواب لا لتعديل الدستور، وهذا طبعاً حسب رأي وزير الخارجية.

ولكن في المقابل نقول للشيخ الصديق والزميل إننا نخالفك هذا الرأي، وان الوقت والذوق العام الكويتي مهيآن لتعديل الدستور، ولكن ما ينقصنا هو الإرادة الحقيقية لذلك، فتعديل الدستور مرهون بمقدمات أساسية بعضها إجرائي والآخر موضوعي، فإجرائياً تعديل الدستور يتطلب شراكة حقيقية بين رغبة صاحب السمو أمير البلاد ومجلس الأمة بدءا بأصل التعديل وانتهاءً بإقرار التعديل.

أما موضوعياً ولعله الأهم، فإن تعديل الدستور يوجب، ومن دون أي تردد أو لف ودوران، أن يضمن مزيداً من الحريات والصلاحيات الشعبية والمكاسب السياسية، الأمر الذي يلقي الكرة تماماً في ملعب الحكومة والنظام تحديداً، والمكاسب الشعبية في أي عرف ديمقراطي قديم أو حديث أو حتى مستقبلي تعني ترجمة الإرادة السياسية للشعب واحترام رأي الأغلبية مع المحافظة على حقوق الأقليات الأساسية، والمكاسب السياسية تعني بدورها مبدأ تداول السلطة كما تفرزها صناديق الاقتراع، وخصوصا بعد إقرار الحقوق السياسية للمرأة وتوسعة دائرة المشاركة، وبانتظار تصويت العسكريين والشباب في عمر الثامنة عشرة.

والصلاحيات الشعبية تعني أن القوانين التي يقرها البرلمان بالأغلبية العادية تكون نافذة وليس كما نرى اليوم أنها تُرفض رغم إقرارها بإجماع نواب الأمة، بل وتحت ضغط «اللوبي» الحكومي وتصويته، ناهيك عن تأثير الحكومة في الاتجاهات البرلمانية جميعها بدءا باختيار مكتب مجلس الأمة وانتهاءً بالتصويت على القوانين وحتى عند طلب التمهيد لعضو مجلس الأمة المنتخب لمواصلة حديثه تحت قبة البرلمان!

والديمقراطية البرلمانية تعني حصول الحكومة على ثقة المجلس قبل أدائها اليمين الدستورية، وأن تتحول سلطة مجلس الوزراء إلى رأي الأغلبية داخل الحكومة ذاتها ناهيك عن قبولها تحت قبة البرلمان.

هذه بعض الشروط والمتطلبات التي تفرضها أدبيات الديمقراطية ويستوجبها الدستور الكويتي نفسه في حالة تعديل الدستور، ولهذا فإن السؤال الذي كان مفترضاً أن يُسأل عنه الشيخ محمد الصباح هو مدى قناعته وإيمانه بمثل هذه المتطلبات الحقيقية لتعديل الدستور؟ لنسمع الرد منه، وهو رأي في غاية الأهمية في مبدئه وتوقيته!

back to top