شهد عام 2007 ظهور 12 مخرجاً سينمائياً جديداً، يقدمون أفلامهم للمرة الأولى في السينما المصرية، ولا يكاد يمر عام واحد منذ بداية القرن 21 من دون ظهور مخرجين جدد، وهو أمر يدعو في العادة إلى الرضا والإحساس بالإضافة والتجديد، وبأن السينما في خير.

Ad

لكن هل هذا حقيقي؟ أبداً.

الحق أنهم مخرجون شباب، وليسوا مخرجين جدداً، بمعنى أنهم يهتمون بتقديم سينما تعبر عنهم، عن جيلهم وعصرهم، ومن ثم تكون «سينما جديدة» وشابة بحكم أعمارهم.

لذلك لا غرابة في أن معظمهم لم يقدِّم حتى الآن أفلاماً تمثل بصمة خاصة، أو تترك أي معنى، ومنذ قدّم أسامة فوزي «عفاريت الأسفلت»، لم تظهر على الساحة أسماء تترك علامة. لا يعني هذا الأمر عدم وجود استثناءات مثل هالة خليل في «أحلى الأوقات»، مروان حامد في «عمارة يعقوبيان» ومحمد مصطفى في «أوقات فراغ»، إنها نماذج نادرة على مدار الأعوام العشرة الأخيرة.

لا ننسى أن تاريخ السينما المصرية، كذلك العالمية، زاخر بالمخرجين الذين أبدعوا ولمعوا في فيلمهم الأول، من بينهم كمال سليم في «العزيمة»، كامل التلمساني في «السوق السوداء»، يوسف شاهين في «بابا أمين»، كمال الشيخ في «حياة أو موت»، توفيق صالح في «درب المهابيل»، خليل شوقي في «الجبل»، سيد عيسى في «جفت الأمطار» (فيلمه الثاني)، سعيد مرزوق في «زوجتي والكلب»، شادي عبد السلام في رائعته، الوحيدة للأسف، «المومياء».

من منا يمكنه نسيان جيل الثمانينات من المخرجين الذين تميزت أعمالهم بالجدة والحيوية، وأحدثوا انقلابا في صناعة السينما شكلا ومضمونا، بدءاً بالراحل محمد شبل بفيلمه المتميز «أنياب»، وسطوع عاطف الطيب بفيلمه الثاني «سواق الأتوبيس»، وخيري بشارة بـ «الأقدار الدامية» ثم «العوامة 70» و»الطوق والإسورة»، محمد خان بـ «ضربة شمس»، وكان فيلماً واعداً ليقدم بعد ذلك سلسلته الذهبية من «موعد على العشاء» إلى «أحلام هند وكاميليا» وهكذا، مروراً برأفت الميهي بـ «عيون لا تنام»، وداود عبد السيد بـ «الصعاليك»، وكذلك أعماله التالية ومن أبرزها «الكيت كات». وفي الأعوام التالية بدأ الراحل رضوان الكاشف بـ «ليه يا بنفسج»، مجدي أحمد علي بـ «يا دنيا يا غرامي»، يسري نصر الله بـ «سرقات صيفية»، محمد كامل القليوبي بـ «3 على الطريق»، وقدم سيد سعيد عمله المميز، الوحيد حتى الآن «القبطان».

هذه لمحات من «سيرة» الفيلم الأول أو الثاني، المعبر عن قدرات حقيقية وموهبة عميقة، في «مسيرة» السينما المصرية، وقعتها أسماء كانت شابة حينذاك ونجحت في أن تحقق حضوراً لافتاً على الخريطة السينمائية.

والغريب أن بعض هؤلاء تألق في أفلامه الأولى أو الثانية ولم يتألق بعد ذلك، فيما البعض الآخر واصل طريقه بثبات، فامتلأت الأعمال الأولى بالحرارة والرغبة في التعبير عن أحلام وأحاسيس خاصة، ومن هنا بدا التميّز وجاءت الأصالة، وهو ما لم يتوافر في كثير من الأسماء التي ظهرت أخيراً. كذلك لم تتمكن نسبة المخرجين الذين يقدمون أفلامهم للمرة الأولى اليوم من لفت الأنظار إلى مواهبها وفرض وجودها أصلا، وهي ملحوظة كبيرة، بل وغير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية التي تشهد كل يوم أسماء جديدة تحمل لواء هذا الفن عالياً وتقدِّم جديداً يعبر عن الواقع بل عنهم كجيل أيضا.