طهران تُشدد الخناق على واشنطن!
لاشك أن مسارات التهدئة في أكثر من ملف «شرق أوسطي» التي اضطرت واشنطن إلى الإذعان لها في الأسابيع الماضية، تُعدّ من المؤشرات المهمة على فشل وسائل الضغط والاكراه كلها التي استخدمتها واشنطن حتى الآن، للتهويل من خيارات الحرب في إقليمنا العربي والإسلامي من دون جدوى.
ثمة تحول ايجابي مهم من جانب واشنطن تجاه طهران حصل خلال الأيام القليلة الماضية، جعل المتابعين لملف العلاقات الثنائية بين البلدين اللدودين يضعون الملف النووي الإيراني في ثلاجة التطبيع الدولي!إذن فالحرب، برأي كثيرين، أصبحت وراء ظهورنا، ولن تحصل في زمن الرئيس الأميركي الحاضر على الأقل، خصوصاً بعد أن قررت طهران بالمقابل أن تضع قطارها النووي على سكة المرونة!أن يحضر ويليام بيرنز بنفسه ممثلا للإدارة الأميركية في محادثات جنيف، فهو دليل إضافي على أن واشنطن غادرت سفينة الحرب ونزلت إلى شاطئ المفاوضات مع ضلع الشر الثالث، كما تحبذ أن تسميه!فالمعروف عن بيرنز أنه كان مكلفاً أن يحضِّر بعد العراق لسيناريو شبيه بسيناريو اجتماع المعارضة العراقية في لندن، ولكن للايرانيين، كما كانت تحلم إدارة المحافظين الجدد! لكن بيرنز هذا يضطر اليوم إلى الجلوس أمام كبير المفاوضين الايرانيين ليناقش معه دبلوماسية الخروج المشرف من خيار المواجهة الكارثي على خلفية دبلوماسية حياكة السجاد الايراني، كما أعلن سعيد جليلي ضاحكا في نهاية جولة جنيف التفاوضية الأولى، التي يفترض أن تتبعها جولات!لاشك أن مسارات التهدئة في أكثر من ملف «شرق أوسطي» التي اضطرت واشنطن إلى الإذعان لها في الأسابيع الماضية، تُعدّ من المؤشرات المهمة على فشل وسائل الضغط والاكراه كلها التي استخدمتها واشنطن حتى الآن للتهويل بخيارات الحرب في إقليمنا العربي والإسلامي من دون جدوى.ثم جاء الانتصار الكبير الذي صنعه «حزب الله»، وهو الحليف الأهم والأقوى لطهران، من خلال صفقة التبادل الكبرى التي سُميت بعملية «الرضوان» ليقصم ظهر البعير، كما يقول المثل، مما يجعل من إمكان العودة إلى خيارات الحرب مرة ثانية أمراً مستبعداً!من جهة أخرى، فإن المؤشرات كلها القادمة من العراق تفيد، بما لا يقبل الشك، بأن ما أرادته واشنطن من فرض اتفاقية إذعان على العراقيين أصبح في خبر كان، وهذا بدوره يضعه المراقبون العارفون بخبايا الحرب السرية بين طهران وواشنطن على النفوذ في العراق، في خانة الفشل الثاني الأهم الذي سيلحق بإدارة بوش في المنطقة بعد فشل لبنان المدوي!وإذا ما التقطنا الإشارة المهمة التي وردت حديثاً من غزة، التي مفادها أن الفلسطينيين لم يعودوا يقبلون بالشروط السابقة للمفاوضات مع الاحتلال حول إطلاق سراح الجندي شاليط، وأن سقف مطالبهم حول نوعية وعدد الأسرى الذين ينبغي على إسرائيل إطلاقهم من سجونها قد ارتفع كثيراً بعد نجاح «حزب الله» في فرض السقف الأعلى الممكن في تاريخ صفقات التبادل حتى الآن، فإنه يمكننا القول بسهولة إن واشنطن التي هي أم المعارك في سياق الصراع العربي- الإسرائيلي من حيث النفوذ القوي الذي تملكه على إسرائيل من جهة، ومن حيث الارتباط العضوي المهم الذي يربط الكيان الإسرائيلي بالدولة العظمى في العالم من جهة اخرى، باتت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أسيرة الحركة اللولبية الإيرانية التي تشبه حبل الخناق الذي يلف حول رقبة إدارة بوش في إقليمنا العربي الإسلامي كله!* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني