من خلال اعتقال خالد الطاحوس والنائب السابق بورمية بالطريقة التي تم بها اعتقالهما يتضح أن هناك قراراً متخذاً باستغلال فترة الشهر المتبقية قبل الانتخابات لتأديب من يتعرض لأشخاص الأسرة الحاكمة أو الوزراء، وكما توقعنا فإن اعتقال الطاحوس- حتى لو كان مبرراً إلا أنه- أريد له أن يكون «فتح باب» لتخويف «المشاغبين».

الرأي الحكومي المدافع عن الإجراءات التي تمت بحق الطاحوس وبورمية يقول إن الحكومة تطبق القانون، وإنها لن تسمح بالتعدي على «الرموز»، وإنها لن تتراخى أمام التصريحات الاستفزازية التي يطلقها المرشحون، والتي تضر بأمن المجتمع وهيبة الدولة. لكن السؤال: هل حقاً أن الحكومة تسعى إلى فرض هيبة الدولة أم أنها تسعى إلى فرض هيبة الحكم، والفرق بينهما كبير؟

Ad

إذا كانت الحكومة تقول إن ما قامت به من إجراءات هو تطبيق للقانون، وإذا كانت كما تقول إنها احتجزت الطاحوس لأنه حرض على مقاومة رجال الأمن في تطبيقهم لقانون منع الفرعيات، فلماذا سكتت عن إقامة الفرعيات نفسها، التي مرت «على عينك يا تاجر»؟ إذا كنا لا نتفق مع ما قاله الطاحوس لكون ما قاله تحريضا على التعدي على سلطة الدولة فإن ما قاله ضيف الله بورمية مهما كان غير لائق.

 إذن الموضوع ليس موضوع تطبيق للقانون، إنما الأمر برمته محاولة «تأديب» وتخويف لبقية المرشحين حتى لا يفكروا بانتقاد الحكومة أو أفراد من الأسرة الحاكمة.

وفقاً للدستور فإن الحصانة الوحيدة عن النقد هي لذات الأمير دون سواه، وبالتالي فإن أي شخصية عامة ليست لها حصانة دستورية، وإذا ما كان هناك شعور من أحد بأنه قد ناله تجريح أو تطاول من أي شخص فإن من حقه أن يشكو أمره إلى المحكمة، أما أن يُعد كل نقد لشخصية عامة- مهما كان هذا النقد غير لائق- جريمة أمن دولة فهذا أمر بالغ الخطورة.

 لذا فإن حرية الرأي يجب أن تظل هي الأصل وما عداها استثناء، فلا نظام ديمقراطيا دون حرية رأي، ويجب أن يكون للتيارات السياسية جميعها موقف مبدئي مدافع عن الحريات، وإلا فإنها ستندم حيث لا ينفع الندم.

لمن طالبوا أو مازالوا يطالبون بالحل غير الدستوري نقول إن تقييد حرية التعبير ومحاولة تكميم الأفواه تتم ومجلس الأمة مازال حياً يرزق، فكيف إذا تم تغييبه والتخلص منه، وتُرك المجال للحكومة لكي تتفرد بإدارة أمور البلد كيفما تشاء؟! أخشى أن يكون ما حصل في قضيتي الطاحوس وبورمية ليس ردة فعل على الشطط في تصريحات بعض المرشحين، إنما مقدمة لإيصال الأمور إلى طريق مسدود تمهيداً للانقلاب على الدستور مرة أخرى.

 ما يجري من أحداث سياسية وطريقة التعامل معها يوحي بأن المرحلة المقبلة سوف تكون حبلى بالأحداث الدراماتيكية، وإن كنا نتمنى أن تسود الحكمة والتدبر في عواقب الأمور حتى نعبر هذا المنعطف الحرج وألا نقع في حسابات خاطئة.

تعليق: هناك مثل عربي يقول «إذا سرقت فاسرق درة»، ونحن نقول لأبناء القبائل إذا كنتم مصرين على إجراء الفرعيات فلماذا لا تخرجون أحسن ما عندكم من كفاءات شبابية، بدلاً من تزكية مجموعة مرشحين من طراز «فداوي» أو ممن يذكروننا بالأيقونة الشهيرة «لا أرى... لا أسمع... لا أتكلم».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء