أخيراً وبعد ثماني سنوات عجاف من حكم متعجرف نَشَرَ الإرهاب إلى بقاع مختلفة في العالم، تنتهي حقبة بوش الابن إلى غير رجعة. لكنه أبى أن تنتهي حقبته إلا بمزيد من القتل والإرهاب مارسه هو وحلفاؤه الإرهابيون الصهاينة في غزة.
وتعد هذه النهاية البشعة دليلا على أن الخضوع للأجندة الصهيونية ليس فقط نتيجة لحسابات انتخابية، بل هي انعكاس لشخصية إجرامية وانتقامية. فبوش شارك في هذه الجريمة الإرهابية من دون ضغوط انتخابية لأن ولايته انتهت وحتى انتخابات الرئاسة والكونغرس انتهت أيضا. مثل هذا الشخص لا تكفيه حفلة وداعية بـ «قندرتين» من منتظر الزيدي، بل يستحق أكثر من ذلك بكثير.فبعد حادثة «القندرة» الشهيرة التي تحولت إلى ثقافة للتعبير عن رفض الظلم والإرهاب، قامت الدنيا ولم تقعد على هذا التصرف. تحدث المتحدثون عن اللباقة وحسن الضيافة والأدب وغيرها من الأمور، وليت نصف هذه الضجة أثيرت على ما كان يرتكبه وجنوده الجبناء في العراق طيلة ست سنوات تقريبا من قتل لعشرات الآلاف من العراقيين بداعي الخطأ... ويعقب ذلك كلمة «آسف»! ليت نصف تلك الضجة أثيرت على حربين مجنونتين شنهما هذا الأحمق على من صنعته بلاده بالأمس في أفغانستان والعراق، وتسببت في قتل مئات الآلاف من الأبرياء المستضعفين دون ذنب اقترفوه، وبات هذان البلدان مسرحا للفوضى العارمة والقتل العشوائي من دون توقف!ليت نصف هذه الضجة أثيرت على تمويله لآلة الإرهاب الإسرائيلية التي فتكت بالأطفال والنساء والشيوخ في لبنان قبل سنتين ونصف السنة، وأدت إلى مجازر شديدة القبح. وتكرر المشهد ذاته بالتفاصيل نفسها خلال الأسابيع الفائتة دون أن نسمع ضجة أو أدنى تركيز على أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت في غزة بتمويل وإمداد من بوش، فيما ينصب الحديث كله والجهود الدبلوماسية جميعها على منع تهريب أسلحة بدائية للمقاومة حتى تستخدم للرد على الجرائم الصهيونية!كان من المفترض أن تثار ضجة كبرى على قتل نفس بريئة واحدة بسبب هذه الإدارة المعتوهة وليس مئات الآلاف فحسب، لكن هذه اللامبالاة كلها ليست بغريبة، فنحن نعيش في عالم استرخص الدم العربي والدم المسلم وبمباركة من نظامنا العربي الصامت كالعادة عن كل جريمة ترتكب بحق شعوبه المستضعفة. وإذا كان هناك حديث الآن عن محاولات عدة لمحاكمة الكيان الصهيوني وقادته على جرائمهم في غزة، فإنه من الواجب أيضا محاكمة بوش لمسؤوليته عن قتل مئات الآلاف في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين بسبب سياساته الحمقاء والإجرامية، هذا إن كان هناك قضاء عالمي عادل وقوانين محترمة تطبق على القوي قبل الضعيف، وليس كما هي الحال في شريعة الغاب!ولا يفوتني أيضا أن نودع «أناكوندا» ليسا رايس بمليون «قُلَّه» وراءها أيضاً. تلك التي صرحت أثناء حرب «تموز» بأننا نشهد ولادة شرق أوسط جديد. وبالفعل شهدنا هذه الولادة، لكنه شرق أوسط مقاوم وليس منبطحا ومستسلما كما أردته. فدماء أطفالنا ونسائنا و شيوخنا ورجالنا في لبنان وفي غزة لا تذهب هدرا، بل ستنتج جيلا مقاوما جديدا حتى في أصلاب الرجال وأرحام الأمهات أشد بأسا من سابقه وسيدحر الصهاينة من أرضنا الطاهرة التي اغتصبوها. هذا ليس مجرد كلام منمق وأضغاث أحلام، بل هو سُنّة إلهية حتمية بانتصار الدم على السيف، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح وما بني على باطل فهو باطل. فباسم كل شيخ ذبح، وكل طفل يُتم، وكل طفلة يُتمت، وكل موءودة قُتلت، وكل امرأة رُمِّلت وأُثكلت، وكل عائلة سحقت، وملايين دمرت (...) عليكم... وإلى حضيض التاريخ دون رجعة.
مقالات
إلى حضيض التاريخ... وصفحاته السوداء
22-01-2009