المشاريع الجادة طُمست قبل أن ترى النور، وبعض فعالياتنا أو أغلبها حوَّل مشاريع بعناوين حرفية وصناعية ودعم العمالة الوطنية إلى أراض مقطعة، ومن ثم إلى محال وكراجات، وفي مرحلة لاحقة إلى «مولات»، فكلما دخلت إلى مجمع تجاري فاره جديد تصدق «دندنتي»: «ابنياتنا يشترون... واصبيانا يغازلون».

Ad

بعض فعالياتنا الاقتصادية منزعج ومأزوم بسبب قانون أملاك الدولة الجديد وما تتضمنه مواده من تنظيم لمشاريع ما يطلق عليها بـ«بي أو تي»، فالجماعة محتجون لأن القانون سيعطِّل مشاريع القطاع الخاص ويوقف عجلة المشاريع التنموية... وأصدقكم القول بأنني عندما سمعت هذا الكلام في ندوة من وزير سابق «اخترعت»، لأن كل شيء مسموح إلا وقف عجلة المشاريع التنموية في البلاد.

وهنا أخذت أتلفَّت من حولي... وليس في «حولّي»... لأرى المشاريع التنموية التي أنجزها القطاع الخاص في البلد قبل أن يصدر قانون أملاك الدولة الجديد في ربيع 2008، فبحثت وكلّما وجَّهت ناظريّ وجدت أرضاً للدولة تحولت بنظام «بي أو تي» إلى «مول»، حتى أنني اعتقدت أننا نمر في الكويت بمرحلة شعارها «مول لكل أسرة»، وأن فصلاً من فصول الخطة الخمسية للدولة الموعودة سيحمل عنواناً بهذا الشعار!

واكتشفت أيضاً على أطراف منطقتي السكنية النموذجية «مول» جديداً بزغ فجأة كالفطر البري، ولكنني لم أستسلم لأفكاري وظنوني، حتى كدت أن أتهم نفسي بالحقد الطبقي، وقلت لنفسي حرام «الظليمة شينة»، لأبحث في أرشيف مشاريعنا الوطنية منذ عشر سنوات على الأقل، لعلي أجد مشروعاً لإنشاء ميناء ينافس هونغ كونغ، أو نظام نقل حديث يقطع دابر الأزمة المرورية ويجعل مدينة طوكيو تخجل من مقارنة نظامها معه، أو تحويل وادي الباطن إلى وادي سيلكون على نحو يثير غيرة أهل كاليفورنيا!

للأسف- وفي نهاية المطاف- وجدت في الأغلب مشاريع «جمبزة» للحصول على الأراضي بأي طريقة... فيما المشاريع الجادة طُمست قبل أن ترى النور، وبعض فعالياتنا أو أغلبها حوَّل مشاريع بعناوين حرفية وصناعية ودعم العمالة الوطنية إلى أراض مقطعة، ومن ثم إلى محال وكراجات، وفي مرحلة لاحقة إلى «مولات»، وكلما دخلت إلى مجمع تجاري فاره جديد، تصدق «دندنتي»: «ابنياتنا يشترون... واصبيانا يغازلون»... مع الاعتذار للمرحوم غريد الشاطئ للتصرف في كلمات أغنيته الشهيرة... ولا عزاء لعجلة مشاريعنا التنموية المثقوبة!