أدرك مقدار الحساسية التي أثرتُها في نفوس البعض تجاهي عبر سلسلة مقالاتي الأخيرة حول الفرعيات، وأستطيع كذلك أن أرى ما قصده من نصحني بالكف عن طرق الموضوع لأن ضرره، علي شخصيا، أكثر من نفعه كما يعتقد، إلا أنني أرى الأمر بصورة مختلفة كليا، فوالله ما كتبت هذه المقالات إلا حبا وولاء لوطني، وحبا وولاء لقبيلتي باعتبارها رابطي الاجتماعي، بل حبا واحتراما لكل قبائل الكويت التي أؤمن بأنها مكون أساسي لا غنى عنه من نسيج هذا المجتمع.
هذا الحب وهذا الولاء للوطن ولأحد مكونات نسيجه المجتمعي، ألا وهو المكون القبلي، هو ما يجعلني أقف هذا الموقف العنيد تجاه الزج بالقبائل في الأتون السياسي، وإخراجها من قوالبها الاجتماعية النقية البحتة.هل يستطيع أحد أن ينكر كم تأثرت الروابط الاجتماعية القبلية، وكم تشكلت حساسيات بين القبائل، بل بين أبناء نفس القبيلة، من جراء التناطح الانتخابي؟ لا أظنه ينكره إلا المكابرون!يقولون إن الفرعيات جاءت لكي يتمكن أبناء القبائل من إيصال صوتهم والحصول على حقوقهم، وهذه حجة ضعيفة تدحضها الممارسة على أرض الواقع، وإلا هل يعقل مثلا أنه لو لم تعقد الفرعيات في الدائرتين الرابعة والخامسة، ألا ينجح فيها أبناء القبائل فتضيع مقاعدهم البرلمانية ويختطفها غيرهم؟! إن الحقيقة البحتة هي أن كل قبيلة تفكر من زاويتها الخاصة، فتريد ضمان مقاعدها في البرلمان على حساب الآخرين في الدائرة، لأنها صارت ترى نفسها كتلة سياسية لا كتلة اجتماعية.وعلى من يحاولون اليوم أن يصبغوا هذه الممارسة العنصرية البحتة بالتبرير الديمقراطي وأنها ممارسة للحرية الشخصية، أن يتذكروا كيف أن أربع قبائل فقط هي التي تهيمن على جميع المقاعد النيابية في الدائرتين الرابعة والخامسة تقريبا لمجرد لجوئها إلى الاصطفاف العرقي عبر الفرعيات، بالرغم من أن الآخرين في مجموعهم يتفوقون بشكل كبير!يقولون إن الفرعيات لم تمنع أي مرشح من أبناء القبيلة من النزول، ولم تجبر أحداً من أبنائها على التصويت لنتاج الفرعيات، والدليل فوز بعض من ترشح من غيرها بمراكز متقدمة، وهذا خلط للأوراق، فأي فرصة للوصول تبقى لمرشح قبيلة إن هو لم يمر عبر فرعيتها؟ وما القيمة الإحصائية لحالة أو حالتين أفلتتا من هذه المعادلة في مقابل عشرات الحالات من الكفاءات التي فشلت في الوصول لأنها رفضت الفرعيات؟ ومن ترانا نخدع حين نقول إن القبائل لا تجبر أبناءها على التصويت لنتاج الفرعيات، وإلا فما فائدة عقدها أصلا؟ أي تناقض هذا؟!إن الكفاءات من أبناء القبائل ليسوا أقل قدرا وقيمة من غيرهم من الآخرين الذين لا يخوضون الفرعيات، ولذلك فهم ليسوا بعاجزين عن كسب ثقة الناس والفوز بأصواتهم من خلال ترشيح أنفسهم مباشرة للانتخابات العامة كما يفعل مئات الكويتيين والكويتيات في كل الدوائر، لكن إصرارهم على إقامة الفرعيات لضمان الاصطفاف العرقي خلفهم من خلال رابطة الدم لا رابطة الكفاءة والإقناع هو دليل على أنهم لا يثقون بقدرتهم وقيمتهم ولا يزالون يرون أنفسهم في مرتبة أقل من الآخرين وللأسف! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
البدو لا ينجحون إلا بالفرعيات!
05-04-2009