صرح الزميل الدكتور يعقوب الرفاعي مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب قبل يومين لوسائل الإعلام بأن الهيئة تستقبل هذا العام ما يقارب من 40 ألف طالب وطالبة في كلياتها ومعاهدها ودوراتها الخاصة. هذا العدد الضخم من الطلبة الذي تستقبله الهيئة هذا العام يجعلنا، مع كل التقدير للجهود الطيبة التي يبذلها الزميل وفريق عمله من أعضاء هيئة تدريس وتدريب وإداريين، نتوقف لنتساءل عما حققته الهيئة كمؤسسه منذ إنشائها حتى الآن؟

Ad

أنشئت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب في عام 1982 لتكون الإطار التنظيمي الذي يجمع المعاهد الفنية والمهنية كافة من أجل العمل على تحقيق اكتفاء ذاتي من الكوادر الوطنية الفنية الماهرة والمدربة التي يحتاجها سوق العمل، خصوصا في المستويات الإدارية الوسطى. وهنا يتبادر إلى الذهن مجموعة تساؤلات مهمة من ضمنها: هل تحقق هذا الهدف؟ وما هي درجة تحقيقه؟ وهل لايزال سوق العمل بحاجة إلى مخرجات الهيئة أم أنه قد تم الاكتفاء من العمالة الوطنية المدربة في الأعمال الفنية والمهنية والمستويات الإدارية الوسطى؟ وهل هنالك دراسات جدوى اقتصادية حديثة لسوق العمل؟ ثم هل تتناسب سياسة القبول الحالية في الهيئة مع القدرات الذاتية والطاقة الاستيعابية واحتياجات سوق العمل؟

لقد كانت استراتيجية الهيئة مبنية على تحقيق احتياجات سوق العمل من الكوادر الوطنية الفنية الماهرة، فهي ليست جامعة توفر التعليم العالي لمن يرغب في ذلك أو يحتاجه، إنما هي عبارة عن كليات ومعاهد فنية ومهنية يعتمد وجودها وتوسعها على مدى حاجة سوق العمل أو بمعنى أكثر دقة على احتياجات التنمية الشاملة.

لذا فمن الضروري الآن التوقف للقيام بعملية تقييم شامل لوضع الهيئة ككل، فربما نكتشف أنها بحاجة إلى إعادة هيكلة جذرية أو تغيير في الاستراتيجية أو غير ذلك، لأنه من غير المعقول الاستمرار في الوضع الحالي، فهذا العدد الضخم جدا من الطلبة الذي يتلقى تعليمه أو تدريبه في الهيئة يفرض على متخذي القرار في السلطتين مسؤوليات كبيرة تتعدى مجرد معالجة بعض الأخطاء والتجاوزات المالية والإدارية والأكاديمية التى حتما ستظهر في أي مؤسسة تعليمية وتدريبية ضخمة جدا كالهيئة، مع أهمية التصدي لها ومحاسبة مرتكبيها، لتصل إلى مناقشة القضايا والأهداف الاستراتيجية العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومعالجتها.

من المهم جدا التركيز على الكيف وليس الكم... لهذا يجب معرفة كيف يُقبّل هؤلاء الطلبة الذين وصل عددهم هذا العام إلى أربعين ألفا؟ أي ما هي شروط القبول في كليات ومعاهد الهيئة؟ وهل تتماشى هذه الشروط مع المعايير الأكاديمية العالمية؟ وما هي نوعية المناهج التي تُدرَّس لهم؟ وما هي المؤهلات المطلوبة في من يقوم بتدريسهم أو تدريبهم؟ وهل هنالك ضغوط سياسية (حكومية- برلمانية) تفرض على الهيئة سياسة قبول معينة؟ ثم هل تتناسب سياسة القبول السنوية مع الطاقة الاستيعابية للهيئة؟ ماهي نسبة الأساتذة أو المدربين للطلبة؟ وأين سيذهب خريجو الهيئة؟ هل لسوق العمل مباشرة أم سينضمون إلى طوابير البطالة الطويلة التي تزداد عاما بعد آخر؟

أسئلة كثيرة من المؤكد أن إجاباتها لا تغيب عن بال الزملاء في الهيئة الذين يبذلون جهودا مضنية كأعضاء هيئة تدريس وأعضاء هيئة تدريب وإداريين لتطوير أعمال الهيئة رغم العقبات الكثيرة التي تقف في طريقهم، ولكن الموضوع يتعدى الجهود الفردية الطيبة للزملاء الأفاضل ليصل إلى الاستراتيجية والأهداف العامة التي تأمل الدولة تحقيقها من خلال الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.