افهموا رسالة الشهيد المجادي جيداً

نشر في 30-07-2008
آخر تحديث 30-07-2008 | 00:00
 أحمد عيسى

المجادي حينما رحل قبل تسعة عشر عاماً، عقد عزمه، وحزم حقيبته متجهاً للدفاع عن قضيته، ولم ينتظر أن تطالب به بلاده، أو يقيم له نواب مأتماً يمجد ما قام به، أو تُستغل بطولته، لأنه بكل بساطة، كما كثير من المناضلين، يقدمون أنفسهم في سبيل قضيتهم، بهدوء، ومن دون مزايدة لا منهم أو عليهم.

احتضن ثرى الكويت الأسبوع الماضي الشهيد فوزي المجادي، ابن الكويت الشيعي، الذي غادرنا حينما كانت الكويت تُعلي القضية الفلسطينية، وتقدم نفسها كبلاد العرب، وانضم إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي تطرح نفسها كحزب ماركسي- لينينى مقاتل، وأحد أشد التنظيمات اليسارية راديكالية وتطرفاً في العالم.

المجادي حينما غادر بلاده حاملا كفنه على كتفه عام 1989 قبل استشهاده في عملية للجبهة في مستوطنة «مسكاف» الإسرائيلية، أول يونيو من ذلك العام، لم يقدم نفسه كويتياً، أو شيعياً، بل عربياً يخدم قضيته، ونفذ عملية إلى جانب رفاقه من ليبيا وسورية، من دون أن يكون له عليهم أفضلية، سوى تقدمه خطوط العدو الصهيوني.

مشكلتنا أن الشهيد عندما غادر، لم يتوقع أن تكون عودته محل جدل، ففي الوقت الذي رحل لنصرة قضيته، لم تكن الكويت ألفت بعد الاستقطاب المذهبي، ولم تشهد أروقتها «تسييساً» حتى على المسلمات، فكان نصيبه أن يرحل بصمت، ويعود رفاته مصحوباً بصخب ملوث.

المجادي شهيد الكويت، و«ديمقراطيتها»، وقضية العرب الأولى، ومحاولة اختطاف قضيته على يد نواب وكتاب شيعة، مرفوضة بالمطلق، وأكثر منها أي محاولة لتجيير شهادته لمصلحة التسويق لـ«حزب الله»، لأنه سبب عودته، ضمن عملية «الرضوان» التي أطلقها الشهر الماضي، في سبيل تبادل الأسرى مع الإسرائيليين.

اتفق مع مَن انتقد الغياب الحكومي عن تشييع المجادي، بل اعتبره «خطيئة»، وتصرفاً ابتعد عن حسن التقدير الوطني والسياسي، وعدم المطالبة برفاته بيّن العجز الحكومي في تقييم الأمور، لخلطه بين موقف الجبهة الشعبية من الكويت خلال الغزو العراقي، وبين «حزب الله» والشيعة، ومحاولة تسجيل موقف، افتقر إلى تقدير يؤكد هوية الكويت العربية.

الشهيد المجادي حينما غادر بيته رفع شعار «لا للعدو الصهيوني»، وانضم إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، لاحظوا ليس إلى «حزب الله» أو «حركة أمل» اللذين كانا يقاتلان وقتها على الخط نفسه مع الجبهة، فكان أن انطلق من عروبته لا مذهبه، وقادته قوميته إلى الشهادة، إلى جانب رفاقه من كوادر الجبهة، وهم بالمناسبة خليط من اشتراكيين وشيوعيين، يجمعهم انتماؤهم القومي.

المجادي حينما رحل قبل تسعة عشر عاماً، عقد عزمه، وحزم حقيبته متجهاً للدفاع عن قضيته، ولم ينتظر أن تطالب به بلاده، أو يقيم له نواب مأتماً يمجد ما قام به، أو تُستغل بطولته، لأنه بكل بساطة، كما كثير من المناضلين، يقدمون أنفسهم في سبيل قضيتهم، بهدوء، ومن دون مزايدة لا منهم أو عليهم.

افهموا رسالة الشهيد فوزي المجادي جيداً، فقد رحل لإثبات أن الكويت جزء من النسيج العربي، هكذا قالها يوم رحيله، فدعوه يرتاح هذه المرة في بلاده، آخر محطاته، بعد رحلة بطولته الطويلة التي قادته للشهادة، قبل تسعة عشر عاماً، كانت حافلة بالأحداث، التي غيرت هوية «كويته»، وشكلها كثيراً منذ ذلك الوقت.

back to top