لم أكن أنوي الكتابة في هذا الموضوع من باب أنه لايزال وليدا في مهده، وذلك خشية ألا يكون من الجيد تسليط الإعلام عليه في هذه المرحلة المبكرة جدا، ولكن بما أن النائب د. عادل الصرعاوي قد تناوله وكان للزميل العزيز د. أنور الرشيد (وهو أحد الأعضاء الأساسيين في اللجنة التأسيسية)، رد وتصريح إيجابي بهذا الخصوص في موقع «الآن»، فلا بأس من الحديث فيه.

Ad

تشرفت بأن كنت أحد المدعوين من ضمن مجموعة من التيارات والتوجهات الكويتية المختلفة للمشاركة في تأسيس لجنة وطنية لمراقبة الأداء البرلماني، وقد حرصت على حضور اجتماعها الأول الذي عقد منذ أيام في ضيافة مظلة العمل الكويتي (معك).

الاجتماع الذي حضره حشد طيب ممن تمت دعوتهم، كان اجتماعا مبدئيا جيدا، اتفق فيه الحضور على وجود حاجة ماسة لظهور مثل هذه اللجنة كجهة رقابية على الأداء البرلماني الذي بات يحتاج إلى التقييم والتقويم من قبل المجتمع عبر كوادره، وقد تسنى لي الحديث في هذا الاجتماع فاقترحت تشكيل فريق مصغر توكل إليه مهمة بلورة رؤية هذه اللجنة الوطنية وأهدافها ووسائلها، فوافقني على ذلك أغلب من تحدثوا بعدي من الزملاء لينتهي الاجتماع إلى تشكيل فريق يقوم بجمع التصورات والآراء المختلفة من المؤسسين، وبلورتها في وثيقة تضم الأهداف والوسائل وآليات العمل، على أن تعرض في اجتماع قادم للمصادقة عليها من قبل المؤسسين.

كان هناك في بداية الاجتماع وفقا للوثيقة المبدئية التي جرى توزيعها، توجه إلى أن يشمل عمل اللجنة مراقبة الأداء الحكومي أيضا، وفي تصوري أن ذلك كان لو أقر سيثقل كاهل اللجنة، وسيفتح عليها أبوابا واسعة تضيع عبرها كل جهودها وطاقاتها بلا طائل. أعتقد أن من الحصافة أن نترك للبرلمان هذه المهمة، ولننشغل نحن بمراقبة أداء البرلمان ونوابه حيث لا يوجد هناك من يراقبهم بشكل منهجي مؤسسي صحيح، وهي مهمة يمكن لنا من خلالها في الوقت نفسه توجيه النواب إلى مواطن الخلل في الأداء الحكومي أيضا.

يجب أن تعمل هذه اللجنة بطريقة منهجية منظمة، وألا تصبح مجرد كيان سياسي آخر بواجهة إعلامية رنانة أخرى، كعشرات الكيانات الموجودة على الساحة والتي هي مجرد ضجيج إعلامي بلا قيمة سياسية مجتمعية حقيقية. لو تمكنت هذه اللجنة من إصدار تقرير شهري معتمد يتم نشره في الصحافة، توضح من خلاله ملاحظاتها وتعليقاتها على مجمل الأداء البرلماني خلال الشهر، فحينها ستكون قد قامت بعمل جليل.

من المهم أيضا أن تبتعد اللجنة عن التقارير الإنشائية العامة وعن الدخول في المهاترات الإعلامية من خلال التصريحات والتصريحات المضادة، وأن تمتلك الجرأة للإشارة إلى مواطن الخلل البرلماني، وتسليط الضوء على النواب بأسمائهم من خلال أدائهم فرديا أو تكتليا دون محاباة لأحد، مع التحلي بالكياسة السياسية.

تمنياتي لهذه اللجنة بالنجاح فعلا، لأنها ستكون في حال قيامها بعملها المأمول، إضافة منهجية متميزة على سبيل تطوير العمل السياسي.

فكرة أخيرة وبشكل سريع، وإن كانت تستحق مقالا منفصلا، وهي أن ظهور الحاجة إلى مثل هذه اللجنة، وتصدي هذه النخبة الجميلة لإنشائها، هو دليل واضح، وكما أشرت مئات المرات من قبل، إلى أن آلية الانتخاب على أساس فردي، ومن ثم ترك من يفوزون بالانتخابات ويصلون إلى البرلمان هكذا دون رقابة شعبية، هي آلية قاصرة وحان وقت تعديلها من ضمن نصوص وممارسات كثيرة تحتاج إلى التعديل الجذري اليوم، وأن اجترارنا لنفس الممارسات وفق المسارات نفسها لن يوصلنا إلا إلى نفس النتائج الفاشلة.