خيبة المتآمرين على غزة!
يكاد يجزم من هم مطلعون على بعض خفايا الأمور التي شكلت خلفية المحرقة التي أطلقها الجناة الإسرائيليون على غزة بأن الهدف لم يكن محدوداً بتغيير المعادلة في قطاع غزة كما أعلنت تسيبي ليفني عشية بدء الهولوكوست الفلسطيني الجديد!ولم يعد يختلف اثنان من المتابعين للمحرقة الغزاوية بأن الترويكا الإسرائيلية الحاكمة في تل أبيب إنما تنفذ أجندة أميركية دولية إقليمية لن تتوقف عند شعار تغيير المعادلة في القطاع، أو الإخفاق في ذلك الهدف المعلن باعتبار أن المخطط أمر أبعد من قطاع غزة بالتأكيد!
وأياً تكن نتائج المعركة التي احتدم وطيسها بعد تلقي ترويكا المحرقة الفلسطينية إشارة البدء بالسباق الانتخابي على أنغام سمفونية الصواريخ الفلسطينية، فإن الحاكم الأميركي المنتهية ولايته في واشنطن، أراد مرة أخرى من خلال المهمة القذرة التي أوكلها لهذا الكيان العنصري اللقيط أن ينهي ولايته بمحاولة جديدة، وأخيرة لتصفية القضية! العارقون ببواطن الأمور يتحدثون عن سيناريو سبق إعداده فترة نهاية التهدئة بين «حماس» والإسرائيليين، وأن الهدف منه كان ولايزال ما يسمونه بعملية «تجريف» لثقافة المقاومة عبر حرب دامية وقاسية على أرض قطاع غزة، يتبعها اتفاق تهدئة دولي جديد عبر وساطة إقليمية، كان ولايزال يفضل أن تكون تحت عباءة إسلامية- تركية مثلا- وليس عربية يتضمن احتواء بندقية المقاومة الفلسطينية الإسلامية في إطار صفقة إقليمية أوسع تشمل فيما تشمل اتفاق «سلام» عربي إسرائيلي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، يحمل في طياته بعض الإغراءات لسورية منها إعادة تفعيل دور ما لها في لبنان، فيتم إحراج المقاومة اللبنانية الإسلامية من خلال إعادة إحياء وحدة المسارين السوري واللبناني على قاعدة فرض اتفاقية «سلام» تشمل فيما تشمل الانسحاب من كفر شوبا ومزارع شبعا والغجر!غير أن استشعار قوى المقاومة والممانعة الفلسطينية والإقليمية الداعمة لها بوجود مثل هذا السيناريو ومبادرتها بفضح النقاش العدمي الذي انطلق غداة انتهاء فترة التهدئة حول شروط استمرار التهدئة أو عدمها إضافة إلى استعداداتها المبكرة جدا ميدانيا لاحتمالات سيناريو الحرب والعدوان جعل من تحالف «حماس» والفصائل الفلسطينية المقاومة له اليد العليا في ترسيم نهايات سيناريو الحرب والسلام في غزة!من هنا فإن بداية المعركة إذا ما ظهرت إسرائيلية بامتياز وهو ما كان بالفعل، فإن نهاياتها لن تكون إلا إسلامية حمساوية بامتياز أيضا! وهذا يعني باختصار مكثف بأن هزيمة «حماس» ممنوعة من الصرف والتداول مطلقا، وتحت كل الظروف، ولا يجوز أن تحصل تحت أي ظرف من الظروف! من جهة ثانية فإن المحرقة الفلسطينية التي ارتكبها حكام تل أبيب في غزة كشفت وبصورة شفافة الهوة السحيقة التي باتت تفصل بين الشعوب وثقافة المقاومة من جهة والحكام المترهلين على مقاعدهم الوثيرة وما يمكن وصفه دون تردد بالدعارة السياسية التي تتحكم بمعادلة ما يسمى بالمجتمع الدولي وتوابعه الإقليمية! إنه إذن الصراع المفتوح بين عصر نهضة الشعوب وتعميم ثقافة المقاومة وبين سياسات القوة ومنطق الإرهاب الدولي المنبوذ، ما دفع بالقتلة المحترفين في الكيان الصهيوني بوصف هذا التغيير بأن العالم أصبح «لوبي» يعمل لمصلحة هنية و«حماس» كما جاء على لسان الوزير إيلي يشاي!هذا فيما انكشفت عورة الإدارة الأميركية الجديدة مبكرا رغم لونها الزاعم بالتغيير، ومعها كل المراهنين على ذلك المجتمع الدولي الهزيل والذليل والفاقد للوجدان!العالم ما بعد محرقة غزة إذن على موعد مع التغيير، نعم ولكن ليس من ذلك النوع الذي وعدونا به في عواصم المتروبول الصناعي الجاحد للحق وللنواميس الكونية وللشرف والضمير الإنساني!إنه عالم سيحمل بكل تأكيد الخيبة للمجرمين والمتخاذلين وكل أولئك المترهلين على عروشهم الخاوية بانتظار استسلام قادة المقاومة ورموزها، أو رفعها لرايات بيضاء لن تفعلها غزة ولو دامت المعركة أشهرا!* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني