إذا طبع محملك دوس على تريجه
بعد إعلان النائب المليفي عزمه تقديم الاستجواب المؤجل لرئيس الوزراء نهاية هذا الأسبوع إذا لم تُقدم الحكومة على خطوات عملية بشأن ملف التجنيس، وإحالة ملف مصروفات مكتب رئيس الوزراء إلى النيابة، بعد هذا التلويح وبعد إعلان الحركة الدستورية قرارها استجواب رئيس الوزراء خلال مدة ستة أسابيع، بعد هذا كله أصبح من الواضح أن هناك قوى وتيارات ورموزاً سياسية تدفع بقوة باتجاه حل مجلس الأمة، كل وفق أجندته الخاصة.عندما كان النواب يتقدمون باستجواب لأحد الوزراء كانت الدنيا تقوم ولا تقعد، وتدور معها طاحونة الكلام عن حل المجلس، أما الآن فلم يعد أحد من النواب يهدد باستجواب أي من الوزراء، فالتصويب أصبح مباشرة على رئيس الوزراء، مع علم هؤلاء النواب أن استجواب رئيس الوزراء خط أحمر بالنسبة للسلطة، وإذا ما تقدم المليفي و«حدس» باستجوابيهما فإنهما يكونان الاستجوابين الثالث والرابع لرئيس الوزراء بعد استجواب «نبيها خمس»، واستجواب الطبطبائي وتابعيه.
هذا الوضع يعني أن النواب لم يعودوا يرون استجواب رئيس الوزراء خطاً أحمر كما كانت الحال أيام الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، رئيساً للوزراء، بل تحول الخط الأحمر إلى أخضر، فصار كل من يريد أن يستجوب أو حتى من يريد أن يناور يصوّب مباشرة باتجاه رئيس الوزراء، وزاد في حماسة النواب لذلك علمهم بعدم رغبة «الحكم» في تعريض رئيس الوزراء إلى الإحراج والتجريح إذا ما صعد على منصة الاستجواب في الوقت الذي يُنقل أن رئيس الوزراء يُعدّ ليكون أمير الكويت السابع عشر. وما يزيد من إصرار النواب على استجواب رئيس الوزراء هو السخط الشعبي الواسع من طريقة إدارة الحكومة للبلد، وتقبل الأغلبية لصعود رئيس الوزراء إلى منصة الاستجواب، واستغرابهم من سبب امتناعه عن الرد على الانتقادات التي توجه إلى حكومته. إذا كان هناك إصرار نيابي مدفوع من قوى وشخصيات فاعلة داخل الأسرة وخارجها لإحراج رئيس الوزراء وإفشال حكوماته المتعاقبة، وإذا كان هناك في المقابل إصرار من أصحاب القرار على عدم صعود الشيخ ناصر المحمد على منصة الاستجواب، وبعد أن تم استنفاد الخيارات كلها باستقالة الحكومة السابقة ومجيء حكومة جديدة فإن حل مجلس الأمة «حلاً دستوريا» أصبح أمراً مستحقاً ولا مناص منه، لأنه أصبح جلياً عدم إمكان التعايش بين مجلس الأمة الحالي والحكومة الحالية، وبالتالي لابد من العودة إلى خيار الحل عسى ولعل يتغير شيئاً في المشهد السياسي، وكما هو معروف فإن عالم السياسة عالم سيال متغير لا يثبت على حال، وإلا من كان يتصور أن تتحول «حدس»، وهي ربيبة الحكومة والابن المدلل لها، إلى صف المعارضة وترفع لواءها، بل تقفز إلى السقف الأعلى من المعارضة وهو استجواب رئيس الوزراء.يبدو أن الجميع أصبح على قناعة أن حل مجلس الأمة قادم لا محالة، وأن قرار الحل متخذ، وأن ما منع حدوثه في استجواب الطبطبائي كان انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية في الكويت، أما وقد انتهى المؤتمر فإن الجميع أصبح يتسابق للحصول على مكاسب انتخابية بالقول إن استجوابه كان السبب في حل المجلس، على قاعدة المثل الكويتي «إذا طبع محملك دوس على تريجه». عندما شُكلت الحكومة الحالية كان يقال إنها حكومة «الثلاثة أشهر» لكن يبدو أن عمر حكومتنا العتيدة الحالية سوف يكون أقل من ذلك، فالأرجح أنها ستكون حكومة «الشهرين» لا أكثر.***تعليق: بيان «الدعاة والمشايخ» الأربعة والأربعين المنددين ببعض كتّاب الصحافة المحلية لعدم نصرتهم غزة، هذا البيان هو في حد ذاته إدانة لكثير ممن وقعوا عليه، فأغلبية هؤلاء كانوا يعيبون على «حزب الله»... «مغامراته» غير المتكافئة ضد إسرائيل في عدوان إسرائيل على لبنان صيف 2006، بينما هم الآن يعتبرون أن موقف «حماس»... «مصداق واضح للجهاد». ألا يكشف هذا الموقف المتناقض عن طائفية هؤلاء، حينما يكون المعيار الوحيد في اتخاذ الموقف أن هؤلاء سُنّة وأولئك شيعة؟!