قراءة في البيان 108 للمجلس الوزاري الخليجي 1
بالرغم من اختلاف الآراء حول انضمام دول جديدة لمنظومة مجلس التعاون فإنني شخصيا أعتقد أن العضوية يجب أن تكون مقصورة على الدول المؤسسة للمنظومة فقط، ويفتح باب «الشراكة» وليس العضوية للدول الأخرى.لا يمكن تناول قضايا الخليج بعيدا عن البيئة الإقليمية والدولية وتطوراتها، خصوصا بعد أن أصبح للدول ذات الحضور الإقليمي مكان على أجندة قادة دول مجلس التعاون، وأبرزها حسب البيان الخليجي الأخير هي «تركيا»، وذلك باختيارها لتصبح جزءا من الحوار الخليجي الإقليمي، وأقول ذلك بعد متابعتي للاجتماع الوزاري الـ108 لوزراء خارجية دول مجلس التعاون، الذي انعقد في مدينة جدة قبل عدة أيام... وسأحاول رصد أهم النقاط التي تضمنها البيان الختامي:
بدأ اجتماع جدة بالإشادة بـ«بيان مدريد» وهو نتاج الجهد السعودي، المتمثل في رعاية «المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان والثقافات» في إسبانيا هذا الصيف، وداعيا لنبذ التعصب والعنصرية، ونال المؤتمر اهتمام الأمم المتحدة، حيث سترعى جهدا تكميليا له، ثم بارك الجميع للسلطان قابوس والشيخ خليفة بن زايد طيهما ملف الحدود المشتركة، وذلك بتوقيعهما الاتفاقية الحدودية بين سلطنة عمان والإمارات، وإقرار قوائم الإحداثيات النهائية والخرائط التفصيلية الخاصة بالاتفاقية بين البلدين، ثم فتح باب الحوار الاستراتيجي الخليجي على مصراعيه لدخول تركيا «اللاعب الإقليمي» هذا العام، شريكا، ولماذا تركيا؟ قد يكون السبب هو نجاح الدبلوماسية التركية في إقناع الطرفين الإسرائيلي والسوري معا بوجوب استئناف المفاوضات حول الجولان، والتي تم إقرارها بمؤتمر مدريد عام 1992، فأنقذت بذلك تركيا الدول العربية من مقايضة حجم الانسحاب بحجم السلام، بالإضافة الى الشق الاقتصادي من الاتفاقية الخليجية التركية، التي تم توقيعها في البحرين عام 2005، واليوم تتجه الأنظار نحو الدول التي ستتسلم الرئاسة في الدورات القادمة للمجلس، وهي كما يبدو سلطنة عمان ومن بعدها الكويت، والأغلبية تراهن على اتجاه تلك الدول للاستثمار، ليس الاقتصادي فقط، إنما السياسي أيضا في علاقاتها العربية.بعدها انتقل البيان الختامي إلى موضوع اليمن، فمنذ قمة مسقط عام 2001 واليمن يتمتع بقرار الانضمام الجزئي الى عضوية المجلس، وذلك من خلال لجان التربية والصحة ودورة كأس الخليج لكرة القدم، ثم جاء قرار قمة أبوظبي السادسة والعشرين، والقاضي بعقد اجتماع مشترك بين وزراء خارجية المجلس ووزير الخارجية اليمني لمناقشة متطلبات تأهيل اليمن، تبعه بعد ذلك مؤتمر المانحين لليمن في نوفمبر 2006، حيث كان للدول الخليجية النصيب الأكبر في المساهمة بمبلغ خمسة مليارات دولار، تبعه مؤتمر استكشاف الفرص الاستثمارية في صنعاء الذي عقد عام 2007. وبالرغم من اختلاف الآراء حول انضمام دول جديدة لمنظومة مجلس التعاون فإنني شخصيا أعتقد أن العضوية يجب أن تكون مقصورة على الدول المؤسسة للمنظومة فقط، ويفتح باب «الشراكة» وليس العضوية للدول الأخرى، فالمعادلة بين الموارد الاقتصادية الضخمة والهواجس الأمنية المتزايدة تزداد تعقيدا، وليس أمامنا سوى الالتفات إلى الدول المؤسسة للمنظومة واستيعاب البعد الشعبي بالمجالس التشريعية والاستشارية منها وجمعيات النفع العام، والاستثمار في تدريب الطاقات الشبابية.وللحديث بقية في الأسبوع القادم.***كلمة أخيرة: لجأت العديد من القنوات التلفزيونية الأميركية والأوروبية إلى استضافة أبرز «المدونين» bloggers في المجال السياسي والاقتصادي لإبداء الرأي حول الانتخابات الرئاسية الحالية، وأتمنى أن تتبنى القنوات العربية هذا المسار، وترعى الوجوه الشبابية الجديدة، خصوصا بعد أن أصبح لقب «محلل سياسي» يطلق على كل من يقف أمام المايكروفون.