حقوق رجل الشرطة! نظام الانضباط الذي يعيشه العسكري يحجب كثيراً من مشاكله

نشر في 11-07-2008 | 00:00
آخر تحديث 11-07-2008 | 00:00
No Image Caption
«حقوق الشرطة»... موضوع قلما يُطرح للنقاش، وتقف وراء هذا الحجب شبه الكلي أسباب لها صلة بنظام الضبط الذي يميز العمل الأمني، إضافة إلى السرية التي تتلون بها المؤسسة الأمنية، وتتطلب إظهارها دوما بصورة «مُحكمة» وخالية من عناصر عدم الاستقرار... لكن ماذا يخبئ هذا المشهد وراءه من سلبيات؟

لعله موضوع يحمل نوعاً من الغرابة، لاسيما ضمن الثقافة العربية التي ترسم نموذجا مشوها لأجهزة الأمن، وتحديدا الشرطة الداخلية التي تحتك بشكل مباشر مع الناس وحركتهم التي لا تهدأ يوميا. ما هي حقوق الشرطة التي تتعرض إلى غبن وانتهاك احيانا؟ هذا السؤال يفتح عدد من القضايا التي نادرا ما تذكر وتطرح للنقاش، بسبب نظام الضبط والربط الذي يحكم عمل رجل الأمن المطلوب منه تنفيذ الاوامر من دون مناقشة. اضافة الى انه لا يتاح لرجل الامن كغيره من الموظفين الرسميين التعبير عن رأيه بالقول او الكتابة. وحتى في حال رغبته سلوك الطريق القانوني لنيل حق يعتقده، فإن ذلك يتم من خلال اجهزة الوزارة ذاتها، وتحديدا الادارة القانونية، وبالتالي ليس هناك من مجال للحديث عن الحيادية، حتى لو كانت تلك الادارة شفافة وتقوم بعملها بالشكل الصحيح.

الحق السياسي

لعل أبرز حق يفتقده رجل الأمن هو ممارسة حقه في التصويت للانتخابات العامة (نيابية وبلدية). ويأتي هذا الحق على رأس الحقوق الاساسية للانسان، ولأن دولا عديدة انتهت من هذا الموضوع بمنح عسكرييها حق التصويت في الانتخابات، ومعلوم ان التصويت في الانتخابات مقصور في الكويت على المنتسبين للحرس الوطني، بينما يُحرم رجال وزارة الداخلية ووزارة الدفاع من هذا الحق. وهو نوع من التمييز اذا ما نظرنا إليه من زاوية من الزوايا. وتأتي بعد ذلك الحقوق الوظيفية والادارية والحماية الشخصية من اذى اداء المهام ولاسيما الخطيرة منها.

الترقيات

ونظرا إلى المزايا المادية المغرية التي يتمتع بها كبار الضباط من رجال الامن فإن التدوير الوظيفي والحراك داخل المؤسسة الأمنية يصبح بطيئا بالنسبة لذوي الرتب العسكرية الدنيا، وتخلق هذه المشكلة نوعا من الاحباط لدى قطاع واسع من رجال الامن في الوزارة، ما يترتب عليه احيانا قيامها بتقديم اغراءات مادية للتقاعد لإخراج عدد من القيادات الكبيرة من الوظيفة لاتاحة الفرصة لعملية الترقي الوظيفي لدى شريحة الضباط الأقل رتبة.

تقدير المواقف الأمنية الخطيرة

ويتعرض رجال الامن احيانا الى مواقف قد تودي بحياتهم، من خلال الاشتباكات التي تحدث مع المارقين على القانون او الارهابيين، ويتبلور ذلك من خلال عدم تقدير قوة الخصم، من ناحية العدد ونوعية الاسلحة التي يخفونها معهم لمواجهة قوى الأمن.

وينتج عن سوء التقدير هذا حدوث اصابات أو وفيات في بعض الحوادث، ويضاف في هذا البند سوء التنظيم بين ادارات الوزارة في مواجهة مأزق أمني قد تكون نتائجه وخيمة على أفراد الجهاز الأمني.

مواقع مغرية

من جانب آخر، يعمل بعض أفراد رجال الامن في مواقع حساسة ويتعرضون من خلالها الى اغراءات مادية، وما لم تُحط الوزارة بالأخطار المحدقة بالعاملين في هذه المواقع، فإن انزلاق رجل الأمن في متاهات قانونية وأمنية يصبح واردا جداً، ودائماً ما تثار في الصحافة المحلية الاغراءات التي يتعرض لها رجال الأمن العاملين في مراكز التوقيف والمؤسسات الاصلاحية، وكذلك من يعملون في اجهزة التحقيق، وليس المقصود هنا فقط انزلاق رجال الأمن في سلوك غير قانوني، بل يتعدى ذلك إلى الضغوط التي يتعرض لها رجال الأمن، والتي لا يستطيعون جميعهم الصمود تجاهها، وهو ما يتطلب دراسة وبحثا من قبل الوزارة لحمايتهم، ومن ثم حماية القانون والأنظمة.

النظرة إلى رجل الأمن

ولعل مسألة النظرة العامة لرجل الأمن اليوم قد اختلفت عما كانت عليه في السابق، إذ غالبا ما نستذكر مسألة «الهيبة» ليس فقط لأصحاب الرتب، بل لمن كانوا يسمون «حرس الأسواق».

وتتقاسم مسألة النظرة العامة او خدش مفهوم الهيبة شيئين رئيسين وهما، طريقة اعداد رجال الأمن وتدريبهم، والذي يجب ان يكون على أعلى مستوى من المهنية والانضباطية، اضافة الى السلوك الفعلي لهذه الفئة من خلال اختلاطهم بالعامة من الناس، فكلما عكست هذه السلوكيات درجة الانضباط الذي حصل عليه أثناء التدريب كانت ردات الفعل موازية لحجم هذا الانضباط.

ونقول ذلك بسبب الاعتداءات التي قد تحصل من مدنيين محترفين للإجرام، أو عصابات تهريب المخدرات تجاه رجال الأمن العاملين في قطاعات مختلفة، أو قيام فئات منحرفة باستخدام وسائل لا اخلاقية في توريط رجل الأمن في قضايا تضر بسمعته وسجله الوظيفي.

ويعوَّل على نمط التدريب الذي يجب ان يعكس درجة عالية من الانضباط في مسألة كيفية تعامل رجل الأمن مع شرائح مختلفة من الناس والأمزجة والجنسيات والثقافات، وهو ما يشكل عبئا ثقيلا على رجل الأمن، ما لم يخضع لبرامج تدريبية تعي متطلبات الأمن وجاهزيته من جانب، والتطورات السلوكية والاجرامية في عالم أصبح صغيراً جداً بسبب التطور التكنولوجي الهائل من جانب آخر.

back to top