مجلس... يستجوب مجلساً!

نشر في 26-11-2008
آخر تحديث 26-11-2008 | 00:00
 سعد العجمي إذا كانت مقولة «حكومة تستجوب حكومة» قد قيلت قبل تسع سنوات تقريبا، فإن «مجلسا يستجوب مجلسا» هو العنوان المناسب لهذا الاستجواب، فالمعركة تحولت إلى نيابية-نيابية، والسبب الكرسي الأخضر الذي سلب حبه العقول والألباب.

أكتب هذا المقال والساعة السادسة صباح يوم الثلاثاء، حيث سأتوجه بعد قليل إلى مجلس الأمة لمتابعة أحداث جلسة استجواب رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد، لا أدري ما هو السيناريو الذي ستخرج به الجلسة في ظل وجود أكثر من سيناريو قد يتم، رغم أن التوقعات كافة ترجح تأجيل الاستجواب مدة طويلة قد تصل إلى سنة أو سنتين.

عموما قد لا يهم القرار الذي اتخذ أمس، بقدر أهمية تسليط الضوء على الطريقة التي تعامل بها النواب مع أزمة الاستجواب منذ إعلان تقديمه إلى يوم انفراج أزمته، إن كانت قد انفرجت.

فمن الواضح أن الاستجواب تحوَّل من أزمة بين المستجوبين والحكومة، إلى أزمة بين ثلاثي الاستجواب وأغلب زملائهم النواب فيما الحكومة المعنية بالأمر، كمن يضع ساقاً على أخرى، ويدخن «الأرجيلة» ويحتسي القهوة، وهو يتفرج على الفريقين وهما يتبادلان الاتهامات واللكمات السياسية.

خلال الأيام القليلة الماضية خيَّل إلي أن الطبطبائي والبرغش وهايف، قدموا استجوابهم ضد ناصر الدويلة أو حسين القلاف ونواب آخرين، ولم يقدموه بحق رئيس مجلس الوزراء، هذا ما أكدته التحركات والتصريحات وربما الصفقات التي تولى أولئك النواب مهمة الترتيبات لها، فيما اكتفى الفريق الحكومي بالمراقبة عن بعد... وكأنهم غير معنيين بالاستجواب.

إذا كانت مقولة «حكومة تستجوب حكومة» قد قيلت قبل تسع سنوات تقريبا، فإن «مجلسا يستجوب مجلسا» هو العنوان المناسب لهذا الاستجواب، فالمعركة تحولت إلى نيابية-نيابية، والسبب الكرسي الأخضر الذي سلب حبه العقول والألباب، فالتهجم على المستجوبين متاح، وإلصاق التهم بهم مسموح، والبحث عن مثالب في مادة الاستجواب مطلوب، والخروج من الأزمة حتى لو كان على حساب الدستور مقبول، وهو الدور الذي كان من المفترض أن تؤديه الحكومة، وليس تلك المجاميع النيابية، لكن «الكرسي» والحفاظ عليه أطول فترة ممكنة أهم بالنسبة لهم من القَسَمْ ومن الدستور ومن الناخبين، وربما من الوطن أيضا.

قد نتفق مع المستجوبين في قرارهم باستجواب رئيس الحكومة، وقد نختلف، لكن الاتفاق والاختلاف يجب ألا يكونا مبررين لفقدان الحصافة السياسية واللباقة الخطابية سواء مع أو ضد، وهو ما عكسه تجاوز بعض النواب لمهامه المحددة بحكم مناصبه إثر تحوله إلى ملكي أكثر من الملك، وكأن هؤلاء النواب أصبحوا ناطقين رسميين باسم الحكومة.

المشكلة أن هذا الفريق النيابي، وهو يمارس هذا الدور لم يكن يثق بالحكومة، بدليل تنصلهم من قضية التوقيع على طلب تأييد تأجيل الاستجواب عندما أصبح الموقف ضبابيا خلال جلسة مجلس الوزراء، إثر تسرب معلومات عن عزم الحكومة تقديم استقالتها، فسارعوا إلى نفي «جمع» التواقيع، وكأنهم يرضعون من ثدي الحكومة وينكرون نسبها.

على كل، فإننا نحيي موقف التحالف الوطني و«حدس» الرافض لتأجيل الاستجواب لفترة طويلة كونه تفريغا لهذه الأداة الدستورية، وهو موقف غير مستغرب من هذين التيارين بالنظر إلى مواقفهما السابقة من القضايا الوطنية بشكل عام، لكن الاكتفاء برفض هذا الإجراء من حيث المبدأ، والتصويت ضده في الجلسة، لا يخلي مسؤولية «التحالف» و«حدس» أمام الشارع، فإذا لم يتم سحب ممثليهم في الحكومة مباشرة إذا أُجل الاستجواب، أو إعلان أنهم غير ممثلين فيها بعد اليوم، فسيكون موقفا لذر الرماد في العيون ليس إلا.

back to top