ممثِّل ناجح ومعيد في المعهد العالي للفنون المسرحيَّة جمال الردهان: أعمالي قليلة... لكنَّها مميَّزة!
يتميز الفنان جمال الردهان بالمثابرة والدقة في اختيار أعماله، تألق وأضحى من بين أهم الفنانين ليس في الكويت فحسب إنما في العالم العربي. مثقف، حاز على أعلى الشهادات العلمية وشغل منصب معيد في المعهد العالي للفنون المسرحية. يزخر مشواره الفني بمحطات ناجحة، سواء في المسلسلات أو في البرامج الإذاعية أو في السينما، وهو في معظم أعماله يبحث عن الجديد والمختلف، شرط ألا يخدش مشاعر الجمهور.بدأ الردهان مشواره الفني مع الفرقة المسرحية الشبابية «شباب الأحمدي»، بإدارة نعيم البدري الذي كان يتكفل شخصياً بمصاريفها المادية، وأطل للمرة الأولى على الجمهور في مسرحية «أم الخير».
من ثم انتقل الى «المسرح العربي»، والتقى النجوم من أمثال أحمد السريع، جوهر سالم، كنعان حمد، فؤاد الشطي، داود حسين، علي جمعة، وكانت أول عضوية له في المسارح الكويتية من خلال فرقة «المسرح العربي». عندما رأى أن الوضع يستلزم الدراسة ليصقل موهبته في التمثيل، دخل الى المعهد العالي للفنون المسرحية في أواسط الثمانينات، إنما في الفصل الثاني، وكان من زملائه مجموعة من الفنانين من بينهم: باسمة حمادة، محمد رشيد، علي جمعة، وسعد بورشيد من قطر.كان من الناجحين، بينما قبلت الفنانة باسمه حمادة منذ الفصل الدراسي الأول بسبب انخراطها في التمثيل منذ الصغر، وكانت لها مسلسلات ومسرحيات قبله.أيام الدراسةيتذكر الردهان أيام الدراسة في المعهد، قائلاً: {قبلت في الفصل الثاني، وكنت الثاني على دفعتي. ظهرت موهبتي التمثيلية باكراً، ما جعل أساتذة المعهد يقدمونني على الآخرين، أذكر من هؤلاء الذين تتلمذت على أيديهم: أحمد عبد الحليم وهو من كبار الأساتذة في العالم العربي، طارق عبداللطيف، ابراهيم اسماعيل، كان بمثابة الأب الروحي ليس لي وحدي وإنما لكل الفنانين الذين التحقوا بالمعهد قبلي وبعدي، وكان عميد المسرح آنذاك الأستاذ سعيد الخطاب، وله أفضال كبيرة على مسرحيين كثر تأسست موهبتهم في تلك الفترة، وانطلقوا بعد ذلك في دروب الحياة». الإذاعة والتلفزيونانتقل الردهان الى الإذاعة والتلفزيون وقدم البرامج والمسلسلات. شكل برنامج «نجوم القمة» نقطة انطلاقته الإذاعية وتعاون فيه مع أسماء إذاعية لامعة، وفنية من بينهم: علي الزفتاوي وناعسة الجندي، وأخرجه الفنان القدير علي المفيدي. يقول عن تجربته: {كانت أول وقفة لي أمام عمالقة الفن، خفت وشعرت بالرهبة، إلا أنني استطعت أن أمتلك زمام الأمور، فتقدمت بقوة واتزان. لم أقبل دخول أي عمل إلا إذا وثقت بقدرتي على أدائه بشكل جيد، لذلك حققت نجاحات». يضيف ضاحكا: «علماً أنني في بداياتي شاركت بأدوار {كومبارس» ومثلت مرات عدة من دون أي حوار، اي مشاركة صامتة»، مستطرداً: «أفضل الآن أن أقدم عملاً أو عملين في السنة. بالإصرار والتميز استطعت أن أجعل من نفسي حالة خاصة. نعم مشاركاتي قليلة، لكنها جيدة وأعتقد أن ذلك ما يميزني عن الفنانين الآخرين. تفوقت في دراستي العلمية حتى أصبحت محاضراً في المعهد الذي تعلمت فيه».مواقف طريفةلا تخلو الذاكرة من المواقف الطريفة، التي يجد الإنسان صعوبة كبيرة في نسيانها، يروي الردهان: {كنت في أحد الأسواق في الوقت الذي يعرض فيه أحد مسلسلاتي، وهو «العائلة» مع الفنانة هدى حسين. فوجئت بمجموعة من السيدات ربما عددهن أربع، يقتربن مني، وسألتني إحداهن: «لماذا تشك في زوجتك، هي تصونك وتبقى في المنزل. أنت تذهب الى العمل ولا تراها بينما نحن نراها على التلفزيون». يدل هذا الموقف على مدى بساطة الناس وطيبة قلوبهم، كذلك متابعتهم وحبهم للأدوار بصدق وعفوية». نصائح وإرشاداتلا ينكر الردهان فضل الأشخاص الذين نصحوه في بداية مشواره الفني وأرشدوه وأخذوا بيده، يقول: {لن أنسى الفنان احمد السريع والفنان الكبير علي المفيدي والنجمة سعاد عبدالله والقديرة حياة الفهد، وقدوتي غانم الصالح وابراهيم الصلال وأساتذتي الذين تعلمت على يدهم في الأعمال المسرحية والتلفزيونية والإذاعية». تكريمنال الردهان جوائز وشهادات تقدير عدة، كرمته جهات فنية واجتماعية وثقافية كثيرة. في هذا الصدد، يشير إلى أن التكريم الأساسي يكون للأساتذة الذين أرشدوه إلى طريق الفن، كذلك الجمهور الذي ساعده في الإبداع، متذكراً أحد المواقف المؤثرة في حياته: «أذكر أن طفلا شاركني في أحد البرنامج، وكان متميزاً. عند انتهاء الحلقة قدمت له هدية، فردّ هو الآخر بهدية لم أتوقعها وهي كتاب الله. أبكاني هذا الطفل في البرنامج لأني لم أتوقع هديته الجميلة».«الفريج» القديم يغوص الردهان في ذكريات الطفولة قائلا: {لا أحد يستطيع نسيان «الفريج» القديم. كنا مجموعة من الصبية المشاغبين، وكانوا يسموننا «نزق» يعني أصحاب مشاكل، ولا نقبل أن يدخل اي غريب «فريجنا» وهي حارتنا التي نحيطها بحب وإخلاص، لأنها عبارة عن وطن صغير يحمينا، وصندوق صغير نحفظ فيه همومنا وأسرارنا وذكرياتنا. كنا في أيام رمضان نقف في وجه الصبية الآخرين ولا نسمح لهم بأن يأخذوا «القرقيعان»، وكثيراً ما حصلت مشاكل بيننا بسبب ذلك.مجاملاتيوضح الردهان أنه كثيراً ما يقع في فخ المجاملة، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني. يصف نفسه: «بطبيعتي أنا إنسان خجول، أحاول أن أرضي الجميع، ولا أريد أن «يزعل» مني أي من الأصدقاء، ما أثر سلباً فيّ، حتى بالنسبة إلى الأجور التي أتقاضاها عن أعمالي. في ما بعد وقفت وقفة حاسمة وأصبحت أرفض أعمالاً كثيرة لا تعجبني»، مشيراً إلى أن ثمة أعمالاً كثيرة يود المشاركة فيها، لكن لم يحالفه الحظ، من بينها «الخراز» و{الفريه»، موضحاً أن مسلسل «الداية» الذي شارك في التمثيل فيه مع حياة الفهد، عوَّضه. كلام عن الفن انتهى الردهان أخيراً من تصوير مسلسل «الداية»، وهو التعاون الخامس أو السادس الذي يجمعه بالنجمة حياة الفهد التي شارك معها قبل هذا العمل في مسلسل «الأخ صالح»، يقول عن هذا الأخير: «أجسد دور صالح، وهو شخصية محورية تدور حولها الأحداث بنسبة كبيرة، ولا يعني ذلك اي تقليل من باقي الأدوار، فإذا كان دور «الداية» الذي تقدمه ام سوزان هو الرابط الأساسي بين الأدوار، تربط شخصية صالح الأحداث، فهو مثال للرجل الشهم الذي يجسد رجولة ايام زمان و{الحمش» الذي لا يرضى بالغلط أو الظلم ويساعد الآخرين. أراه فارس ذلك الزمان بحق «.أما بالنسبة إلى مسلسل «الداية» فتشارك فيه الى جانب الردهان نخبة كبيرة من نجوم الكويت والخليج من بينهم: سعاد علي، صلاح الملا، منى شداد، محمد جابر، المنيع ومجموعة من الوجوه الشابة، من إخراج أياد الخروز وانتاج تلفزيون {الوطن».يرى الردهان أن ثمة رابطاً يجمع بين تطور حركة الدراما، وظهور القنوات الفضائية:» كثرة الفضائيات الكويتية ظاهرة ايجابية بكل تأكيد، لأن الأعمال الدرامية ازدادت بشكل كبير، ما يحيي الفن الكويتي ويعيده الى مكانته الصحيحة من دون شك، كذلك تولد كثرة الفضائيات منافسة قوية بينها على استقطاب المشاهدين، وهذا من مصلحة الدراما والفضائيات والفن عموما». جديدهيحضر الردهان راهناً لإنتاج ثلاثة مسلسلات جديدة تُكتب، يوضح أنها مختلفة في مواضيعها عن كل ما يقدم في الساحة راهناً، لذا لا يقبل المنتجون تقديمها لأن انتاجها مكلف بالإضافة الى أن نوعيتها غريبة ومعقدة ومواضيعها غير مطروحة على الرغم من أنها حاضرة في حياتنا. يسعى من خلال انتاج هذه الأعمال إلى الرقي بذوق المشاهد من دون اسفاف او جرأة تجرح المشاعر، او بشكل يسيء الى المجتمع الكويتي، «هناك قضايا حلوة تحتاج إلى تسليط الضوء عليها».العثرةفي ما يتعلق بالعثرة التي اعترضت طريقه يقول الردهان: «يتمثل الموقف الصعب أو «العثرة» التي مررت بها في وفاة والدتي وأنا طفل. تألمت حينها وحزنت، لكن أم إخواني لم تقصر أبداً واحتضنتي لتصبح لي أمًا ثانية، كذلك إخوتي غير الأشقاء الذين عشت معهم مودّة وحياة مترابطة». من هو ؟ولد جمال الردهان في 15 اوكتوبر (تشرين الأول) 1963، نشأ وترعرع مع والدته المصرية الجنسية في منطقتي المنصورة والدقي في القاهرة، وبعد وفاتها انتقل بناء على رغبة والده الى الكويت، تحديداً منطقة «الفنطاس»، حيث يعيش وإخوته وزوجة والده التي يعتبرها بمثابة والدة له، وهي التي تعبت على تربيته كما ذكر سابقا. درس في مدرستها المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ، وقضى مدة في دراسته الثانوية في الفحيحيل والجزء الآخر في ثانوية سالم المبارك في منطقة الرقة، بعد ذلك دخل الى المعهد العالي للفنون المسرحية، والآن هو معيد ومحاضر في المعهد نفسه، وانتقل الى منطقة الجابرية ليكمل انطلاقته الفنية من هناك.من أعمالهالمسلسلات: «الغرباء»، «العائلة»، «الشقردي»، «المغامرون الثلاثة»، «الحصاد المر»، «الغريب والملقوفة»، «أحلام نيران»، «هذا ولدنا»، «قاصد خير»، «ما يصح إلا الصحيح»، «القصاص»، «الأخ صالحة»، «شاهين»، «حتى التجمد»، «خطوات على الجليد»، «أشجار بلا ظلال»، «بيوت من ثلج»، «الخطر معهم» (الجزءان الأول والثاني)...المسرحيات: «أم الخير»، {الكنز»، «الدينار»، «فرسان بني هلال»، «محاكمة علي بابا»، ليلى والعملاق»، «الهداف جسوم «، «أبطال السلاحف»، «مصاص الدماء»، «زمن دراكولا»، «البيت المسكون}، «الرجل الذئب»، «الحامي الحرامي والحرمنة»، «مصارعة حرة»، «رجل مع وقف التنفيذ» وغيرها.للردهان تجربة سينمائية من خلال فيلمي: «زمن القدر» و{شباب كول». وضع صوته على أفلام مدبلجة كثيرة، نذكر منها «شاهين» لخالد الصديق وفيلم الرسوم المتحركة «علي بابا»، واعتذر عن فيلم «كيوت»، كذلك له مشاركات اذاعية عدة، فهو يعشق العمل الإذاعي. هواياتهعن هواياته المفضلة يقول الردهان: {أهوى «الحداق» وصيد السمك، منذ طفولتي، لأن بيتي يقع في «الفنطاس» قرب البحر، وكنت دائما أصطاد، وعندما كبرت اشتريت قارباً أصطاد به في أوقات الفراغ. لكنني الآن أفضل الصيد في مدينة ابو ظبي، حيث الصيد وفير، وأمارس هذه الهواية مع صديقي عماد جاد صاحب مطاعم جاد».