Ad

التعاون مطلوب من الجميع في المرحلة القادمة، الحكومة والمجلس، والتأزيم ممنوع منعاً باتاً، فالأمر لم يعد يحتمل صدامات جديدة، لا نريد أن نعيد أخطاء الماضي القريب، وأن يتحول النائب إلى «بصّام» للحكومة، أو دمية تحركها قوى الفساد عن بعد، أو بركان تتناثر حممه عند كل نقاش، نريده هادئا في طرحه، راقيا في خطابه.

انفض الجمع المبارك، وانتهت الانتخابات البرلمانية، وانتهت معها المعارك الكلامية، والخطابات الحماسية، وتوقفت -مؤقتا- الاتهامات المتبادلة، بين التيارات والكتل المتعارضة المتنافرة، وصمت صوت الشائعات بأنواعها، الكاذبة والصحيحة، وفاز من فاز، وخسر من خسر، ليتوجه الفائز إلى مجلس الأمة فرحا، تعلو محياه ابتسامة المنتصر، وعاد الخاسر إلى بيته وحياته العادية، بعيدا عن السياسة، عاد وفي القلب غصة، وفي الرأس صداع، وفي العين دمعة، احتبست بداعي الكبرياء!

ولا نملك اليوم إلا أن نهنئ الفائز، ونقول له مبروك، ونواسي الخاسر ونقول له «هاردلك»، وخيرها في غيرها، والمهم الآن أن نفكر في ما هو آت، في المستقبل الذي نترقبه جميعا، فمرحلة الانتخابات انتهت، واختار الناخبون نوابهم، وفق قناعاتهم ورغباتهم وطلباتهم أيضا، والأمل كل الأمل، ألا يصاب السادة النواب، بمرض فقدان الذاكرة، فور جلوسهم على المقعد النيابي الأخضر المريح، وينسوا أو يتناسوا، كل ما قالوه للناخبين الأفاضل في الشهرين الماضيين، وهو في الحقيقة كثير جدا، أكثر من أن يعد أو يحصى، والذين صوتوا لهم يتوقعون منهم الوفاء بوعودهم، وفي أسرع وقت ممكن، وبعض الوعود غريبة عجيبة، فقد تعهد بعض المرشحين بإحضار ما هو أكثر استحالة من لبن العصفور، من أجل عيون وصوت الناخب الكريم!

الآن، هل النتائج جاءت كما نحب ونشتهي، وهل الأسماء التي تمنيناها، نالت حظها من النجاح؟

ليس تماما، وليس مهما أيضا، فالأسماء لا تعنينا كثيرا، والوجوه ليست ما نريد تغييره، فما يهمنا حقيقة، وما يعنينا، هو ما سيقدمه النائب المحترم، في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الديمقراطية في الكويت، للوطن والمواطنين، بغض النظر عن انتماءاته وتوجهاته، فالمهم هو صدقه وإخلاصه واجتهاده، واحترامه للكرسي الذي سيجلس عليه، وأن يكون ولاؤه وعمله للكويت، لا للطائفة أو القبيلة أو العائلة، فمجلس الأمة للجميع، ومن أجل الجميع، وما نرجوه من كل نائب من النواب، أن يبذل جهده للبناء لا للهدم، وللتطور لا للتخلف، وللتعاون لا للصدام، وأن يضع مصلحة البلد نصب عينيه دائما، لا مصلحته الشخصية.

ما نريده الآن، هو ما يريده أبناء هذا الوطن، كبارهم وصغارهم، رجالهم ونساؤهم، شيعتهم وسنتهم، بدوهم وحضرهم، أن نرى كويتاً أجمل وأفضل وأرقى وأغنى وأسعد، هذا ما نريده جميعاً، وكلنا أمل أن يكون هذا ما يريده رجال مجلس الأمة المنتخبون أيضا!

التعاون مطلوب من الجميع في المرحلة القادمة، الحكومة والمجلس، والتأزيم ممنوع منعاً باتاً، فالأمر لم يعد يحتمل صدامات جديدة، لا نريد أن نعيد أخطاء الماضي القريب، وأن يتحول النائب إلى «بصّام» للحكومة، أو دمية تحركها قوى الفساد عن بعد، أو بركان تتناثر حممه عند كل نقاش، نريده هادئا في طرحه، راقيا في خطابه، مبدعا في مشاريعه، يمارس دوره الرقابي بكل أمانة، بهدف الإصلاح لا تصيد الأخطاء!

ونريد حكومة تعمل بكل جد، حكومة إنجاز، لها برنامج عمل واضح تلتزم بتنفيذه، وقانون تطبقه على الجميع بعدل وبلا انتقائية، وأن ترتقي بخدماتها التي تقدمها للمواطنين، وأن تكون قوية متماسكة، ومتحدة على الحق والواجب، لا ترتجف من كلمة «استجواب»، ولا تخشى صراخ النواب، ولا تخضع لكل من «يستأسد» عليها، أو يبتزها أو يقايضها عند كل تصويت!

وفق الله الجميع، ولنكن متفائلين، فالغد أجمل إن شاء الله.