عذرا يا حكامنا فخلافاتكم ثم مصالحتكم لم تعد تهمنا، وهي في الحقيقة دليل ضعف وانهزام، وليست دليل قوة وانتصار، فالضعيف لا يرى إلا نفسه ولا يغضب إلا لذاته، بينما القوي يشعر بالآخرين وتستفزه مصلحتهم، ويسعى إلى خيرهم، وتصغر نفسه وخلافاته أمام طموحاتهم.
بعد الفرح والتهليل ودق الطبول وضرب الدفوف وإصدار البيانات والتقاط الصور والمدح والثناء المتبادل بين الرؤساء العرب يتساءل المواطن العربي: هل تحقق الإنجاز وتم الإعجاز؟ وهل هذه هي المصالحة المنشودة التي يتمناها كل مواطن؟لا أعتقد أن هناك خلافا حول الإجابة بلا... وليست القضية قضية تفاؤل وتشاؤم، فأين التفاؤل في خلافات متكررة لا تلبث أن تنتهي لتعود؟ وأين التشاؤم في وضع عربي ممزق ومحاور وأحلاف تعيدنا إلى أجواء الحرب الباردة؟القضية ليست وجهة نظر فردية، ولماذا تبدو متشائما، ويجب أن تكون متفائلا، ولكن القضية واقع حال لا تخطئه العين، ويرفضه المواطن العربي في كل مكان... القضية في حقائق- للأسف- بغيضة وممقوتة لا يتمنى المواطن العربي وجودها،ولكن لماذا؟ لماذا لا يبدو الوضع تفاؤليا وتبدو الحقائق مؤسفة؟ لأن المصالحة المزعومة بين أفراد وحكام جعلوا خلافهم وتصالحهم هو صلب القضية ومركز الأحداث، ونسوا أن المصالحة الكبرى والأهم هي مصالحتهم مع شعوبهم أولا وتوافقهم مع مواطنيهم قبل أي شيء آخر. ومن دون مجاملة لو نظرنا لوجدنا أن الخلافات لم تقتصر فقط على المشاحنات بين الحكام، ولكن الخلاف الأكبر والأعمق والأشد تأثيرا هو خلافاتهم مع شعوبهم، وللقارئ أن يختار أي بلد عربي (شرقي-غربي) يشاء وأي نظام حكم (ملكي–جمهوري) يريد ويسأل نفسه بعيدا عن ترهات الإعلام الرسمي وأكاذيبه: هل هناك مصالحة ووئام واتفاق بين شعب هذا البلد وحاكمه؟بالتأكيد لن تكون الإجابة في الجانب المتفائل، فيا حكامنا الأفاضل وقادتنا الأعزاء: عليكم أولا مصالحة شعوبكم وتنقية الأجواء الداخلية قبل الخارجية، وتصفية نفوس الموطنين قبل كسب ود الآخرين، وواجبكم تثبيت حق المواطن في بلده بكل أشكاله، والسماح له بالتعبير الحر الجريء، والمشاركة في الحكم وصنع القرار والتخطيط للمستقبل، حينئذ فقط يشعر الحاكم العربي بقوة تجعله أكبر بكثير من أي خلاف شخصي، ويسمو فوق الأهواء والميول، وينتصر لمصلحة شعبه فتختفي المشاحنات والمعارك الشخصية، ويتفرغ الجميع بصدق لخير هذه الأمة.عذرا يا حكامنا فخلافاتكم ثم مصالحتكم لم تعد تهمنا، وهي في الحقيقة دليل ضعف وانهزام، وليست دليل قوة وانتصار، فالضعيف لا يرى إلا نفسه ولا يغضب إلا لذاته، بينما القوي يشعر بالآخرين وتستفزه مصلحتهم، ويسعى إلى خيرهم، وتصغر نفسه وخلافاته أمام طموحاتهم، فليكن دوركم «المنسي» هو في السمو فوق خلافاتكم، والعودة إلى شعوبكم لتلتف حولكم وتساندكم، وهنا ستختفي خلافاتكم تلقائيا، فهناك ما هو أسمى منها وأكثر أهمية وأعلى مكانة.وحذار من الانخداع بالوهم والزيف والتشبث بصورة هنا ولقطة هناك، واعلموا أن شعوبكم بآمالها وآلامها، برضاها وغضبها هي حصنكم وملاذكم، فاحرصوا على مصالحة شعوبكم قبل مصافحة بعضكم بعضا.*** «نمر من ورق» تعبير يستخدمه البعض للسخرية ممن يعتقد في نفسه قوة وإقداماً، بينما حقيقته غير ذلك، وهذا للتناقض بين صفات النمر من قوة وشجاعة وخصائص الورق من ضعف وليونة، أما «نمر من ورق ذو مخالب فولاذية» فتعبير غريب عجيب لا أعرف ما المقصود منه؟ السخرية من النمر أم من الفولاذ أم السخرية من القارئ الذي سمع وقرأ التصريح. «لو حد فهم يقولي». كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
المصالحة بين الحكام والشعوب
10-04-2009