لا للحرب... لا للتلوث الإشعاعي
في المحاضرة العلمية القيمة، التي ألقاها عضو هيئة التدريس بكلية الطب في جامعة الكويت وعضو الأكاديمية الأميركية لمكافحة السرطان الدكتور نواف المطيري في جمعية الخريجين الأسبوع الماضي، والتي كانت حول موضوع التلوث الاشعاعي في الكويت، تبين أن هنالك حقائق وبيانات يجب التوقف أمامها، فقد أوضح المحاضر من واقع بحوثه العلمية الموثقة التي اعتمد فيها على بيانات ومعلومات رسمية لوزارة الصحة، أن هناك حقائق وأرقاماً مقلقة تتحدث عن أن التلوث الإشعاعي في الكويت قد بلغ مستويات تتطلب المعالجة السريعة على المستويين الرسمي والشعبي، وأولى خطوات هذه المعالجة هي الاعتراف بالمستويات العالية نسبياً التي بلغها التلوث الإشعاعي في الكويت، واستخدام البحث العلمي للكشف عن مسبباته والعمل، من ثم، على القضاء عليها ومعالجة آثارها. فمن ضمن الأسباب المؤدية الى التلوث الإشعاعي المؤثر على صحة الإنسان، كما ذكر الدكتور نواف، تبين أن هنالك علاقة علمية ذات دلالة بين مواقع أبراج الاتصالات وتقوية الإرسال التي ينتج عنها تلوث إشعاعي والتي تسمح وزارة التربية- للأسف- بإقامتها في مدارس رياض الأطفال والابتدائي وتنتشر أيضا بالقرب من الأماكن المأهولة بالسكان من جانب، وانتشار نسبة سرطان الدم بين الأطفال من جانب آخر.
كما أن الاستخدام المستمر للهاتف النقال يأتي من ضمن أسباب تعرض جسد الإنسان للإشعاع المضر، فرغم أن الجدل العلمي لايزال محتدماً بين العلماء حول تأثير استخدام الهواتف النقالة على صحة الإنسان، لاسيما تسببها في سرطانات المخ والجلد، فإن الدكتور نواف أكد أن الدراسات العلمية أثبتت أن استخدام الهاتف الجوال في حدود ست ساعات خلال أربع وعشرين ساعة ولمدة زمنية معينة قد ينتج عنه الإصابة بالسرطان.كما أن مولدات الكهرباء المكشوفة التي تصدر عنها موجات كهرومغناطيسية عالية ذات تأثير سلبي على صحة الإنسان، وللأسف، فإنها تقام بالقرب من المناطق السكنية. علاوة على أن بعض المولدات الكهربائية في عدد من المناطق السكنية كمنطقة تيماء ومنطقة الصليبية قد دُمرت أبوابها من قبل بعض المراهقين، وتركتها وزارة الكهرباء مفتوحة، فلنا أن نتصور مقدار التلوث الإشعاعي الذي يصدر منها ومدى تأثيره على صحة سكان هذه المناطق؟ وتبين الأرقام والبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة، كما ذكر الدكتور نواف في محاضرته، أن في الكويت زيادة مقلقة في نوعية أمراض السرطان خلال العشرين عاماً الماضية، حيث برزت نوعيات نادرة للسرطان خلال هذه الفترة، كما تظهر الأرقام الرسمية أيضاً أن نسبة الإصابة بأمراض السرطان في المناطق الجنوبية من البلاد تعتبر أعلى بكثير منها في المناطق الأخرى، مما يدل على أن للتلوث البيئي دوراً في ذلك، خصوصاً إذا ما عرفنا أن صناعات استخراج وتكرير النفط تتركز في المناطق الجنوبية من البلاد. أسباب كثيرة بيَّنها المحاضر لهذا المستوى المرتفع من التلوث الإشعاعي، من ضمنها أيضاً التقدم الحضاري والحروب والتدمير المتعمد للبيئة.وغني عن البيان هنا، أن الحروب الحديثة، التي تستخدم فيها أسلحة نووية وبيولوجية معقدة، تعتبر أيضاً من أكبر المسببات الرئيسية للتلوث الإشعاعي. وقد مرت على المنطقة خلال الثلاثين عاماً الماضية حروب عدة استخدمت فيها أسلحة مختلفة ومعقدة بعضها جرى استخدامها لأول مرة، وقد ذكر في حينه أن بعضها كان اليورانيوم المنضّب ضمن مكوناته، وهذا سبب رئيسي آخر، إن لم يكن سبباً جوهرياً، للتلوث الإشعاعي.وكما ذكر المحاضر أن «العمر الافتراضي للمواد المشعة هو 105 سنوات، وهي مدة كافية حتى يبدأ العنصر المشع في إظهار ضرره وتأثيره، وينتقل الضرر من جيل إلى آخر»، وأن «التلوث الإشعاعي يورث حتى لو تغيرت مكونات البيئة المحيطة بالإنسان المصاب»، وهذا ما يثبته حجم الدمار البيئي المؤثر على صحة الإنسان الذي لايزال يسببه انفجار هيروشيما وانفجار شيرنوبل النوويين. وإذا ما عرفنا أن الكويت قريبة جداً جغرافياً من المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة (في حدود 277 كيلومتراً عن مفاعل بوشهر)، فلنا أن نتصور ما قد نتعرض له من تلوث إشعاعي خطير حال حدوث أي خلل فيها حتى لو كان غير متعمد، فما بالنا لو كان ذلك نتيجة لضربة عسكرية مدمرة؟!من هنا تنطلق دعوتنا الى تنظيم حملة شعبية مناهضة لنشوب حرب أخرى في منطقة الخليج، وداعية إلى السلام والتفاوض السياسي والتعايش السلمي في منطقة الخليج.