كأي مراهق غض المشاعر والعمر دب في هواها في ميعة الصبا، كانت آنذاك أجمل جميلات العرب على الإطلاق. كانت عيناها الشاسعتان الناعستان تملآن الأفق في تطلعهما البعيد نحو الغد الأبهى. كانت طليقة كنورسة بيضاء تخفق أجنحتهما الرهيفة لتمشط أزباد السيف، وكانت غدائر شعرها الهفهاف تظلل صحراء النفط، وتأوي إلى فيئها طيور الجزيرة، وتقصدها كل الصقور العربية التي يطاردها قناصو الأنظمة لتنعم بالراحة والدعة والأمن والحرية والعيش الكريم، وكان وجهها الوضاء بالأمل والبسمة الآسرة، وكانت ترفل بأبهى الثياب وأثمن الحلي من لؤلؤ بحرها المعطاء، وكان أحد شعرائها الراحلين يشدو بها هكذا:
شطآن رملك واحة (معطارُ) وأجاج بحرك سكر وبهار يا موطن الهولو الذي غنت له من أمس أمس سواحل وبحار يا ساحل الفيروز حيث سفينه ملء البحار كأنها الأقمار وكانت بيضاء القلب لا تعرف التفرقة، ونبيلة الفؤاد لا تعرف التمييز، وعادلة المشاعر لا تعرف البغضاء، ونقية السريرة لم تسمع بالكراهية، وكان صدرها وطناً للجميع، وكانت تحب الجميع، ويعشقها بالتساوي الجميع، وكانت حينما تسير في خطواتها الواثقة المتئدة تسع بضياء الحرية ليغمرها الخليج. كان ذلك حتى أواسط الثمانينيات الميلادية حيث انبثق ممن تحبهم من سرق حليبها، ومن حاول تقييد خطاها، ومن قص غدائرها الجميلة، وأخفى إشراقة وجهها، وكتم ضحكتها الآسرة، وحاول تشويه وجهها بالخدوش ليجبرها على ارتداء السواد، ومن أجبره أخيراً على أن (تلزم البيت) كعانس قد فاتها قطار الزواج بالرغم من أنها من أجمل النساء، وستظل أجمل النساء. لذلك رفقاً بهذه (الدانة) المكنونة، ودعوها تتنفس من جديد، وتشرق من جديد، وتواصل طريقها المزروع بالورود نحو الغد من جديد. بل دعوا الكويت نلحق بما فاتها، وتتخطى الجميع. حرروها من الترهات، وابدأوا بالبناء الأهم.
توابل - مزاج
دعوا الجميلة تمشي
15-06-2008