أنبه إلى أن ما تشهده الكويت من ممارسات قبلية وطائفية مقيتة ومستعرة تتناول الدولة ومؤسساتها، وتتخطى ذلك إلى لغة التهديد والوعيد لها والتحريض عليها، عبر الندوات والفضائيات والصحف، وهي «عنتريات» قد تمنح البعض الكرسي الأخضر، ولكنها في النهاية ستسلب منه وطناً.
إنه عنوان مقيت الذي أعنون به مقالتي هذه، فهو يقسم الكويت إلى داخل وخارج، هذه الدولة الصغيرة بمساحتها والمتنوعة بتركيبتها الاجتماعية والثقافية، ولكن هذا العنوان كان من قبل للكاتب الصحافي المعتزل والنائب السابق والمرشح الحالي خالد العدوة بصيغة مختلفة، وهي «إلى أبناء المناطق الخارجية...» نشر له في منتصف التسعينيات، وتحديدا في مايو 1996، أي منذ ما يزيد على عشر سنوات، وكان ينضح بنفس ينافي مبدأ الدولة بكل مفهومها الحديث من سيادة وقانون ومؤسسات.في تلك الفترة مر المقال بمضامينه ومقالات أخرى مشابهة له في المضمون مرور الكرام، وبرره البعض على أنه سلوك سياسي لحشد المؤيدين وتعظيم عدد الأصوات في الموسم الانتخابي، وكانت هذه المقالة هي باكورة استخدام مصطلح أبناء المناطق الخارجية إعلامياً، والذي انتشر في ما بعد على نطاق واسع.واليوم يستمر العدوة في نفس ممارساته رغم المضاعفات الخطيرة التي نتجت عنها، ويتحدث عن مظلومية أبناء القبائل، ويعدد المواقع التي يجب أن تمنح لهم في مؤسسات وهيئات حكومية محددة، ويحذر الدولة من اللعب بالنار في قضيتي ازدواجية الجنسية ومنع الانتخابات الفرعية، كما قال في مناظرته التلفزيونية مع الكاتب الصحافي علي البغلي الأسبوع الماضي، ويبدو أنه لم يدرك بعد أو لا يريد أن يعي ما يعيشه البلد من تحدٍ خطير وصل إلى تشرذم ومواجهات وطعن في داخل القبيلة نفسها، وهو ما شهدته فرعية قبيلة عنزة في الدائرة الرابعة أخيرا، فما هي حالة البلد غدا إن كان هذا ما يحدث بين أبناء القبيلة الواحدة الآن؟!ما يحدث في بلدي يروعني، لذا فأنا المواطن الذي يعرفني الأخ العدوة منذ فترة بحكم وظيفتي الصحافية أوجه له نصيحة الشريك في الوطن، وأقول: إن العبث في السلم الأهلي والوحدة الوطنية، بممارسات غير مسؤولة تذكي النعرات وتهيج العصبيات، هو سلوك خطير لا يتم التهاون معه أو التغاضي عنه في الدول المحترمة، ولا يمت بصلة للديمقراطية ومفهوم الحريات المتعارف عليه علما وعرفا، ولذلك لا يتم التساهل في أعرق الديمقرطيات مع ما يمس هيبة الدولة وسلطاتها الجبرية لتطبيق القوانين، خصوصاً إذا كانت تؤلب النزعات العرقية أو الطائفية في سبيل تهميش الدولة والنيل من مؤسساتها الأمنية والقضائية والإدارية.وأنبه إلى أن ما تشهده الكويت من ممارسات قبلية وطائفية مقيتة ومستعرة تتناول الدولة ومؤسساتها، وتتخطى ذلك إلى لغة التهديد والوعيد لها والتحريض عليها، عبر الندوات والفضائيات والصحف، وهي «عنتريات» قد تمنح البعض الكرسي الأخضر، ولكنها في النهاية ستسلب منه وطناً.لذا أدعوك إلى التفكير يا «بومحمد» بما تفعل وما تقول، فأنت خطيب مفوه ورجل علم مطلع، يمكنك أن تقود قطاعات واسعة من شرائح بيئتك ومجتمعك لصد الهجمة التي يتعرض لها البلد، وأرجوك أن تتفحص ما آلت إليه الممارسات القبلية في الصومال واليمن وأفغانستان ورواندا وبورندي، والطائفية في لبنان والعراق من مآسٍ وكوارث، لتعيد تقييم نهجك وتصحيح ما بدر منك.
مقالات
إلى أبناء المناطق الداخلية...
13-04-2009