البرلمان والحكومة مسؤولان مسؤولية مشتركة عما يحصل، لكن المفارقة الأشد هي أننا كشعب نتحمل جزءا معتبرا من الملامة أيضا. أليس هذا البرلمان من صنع أيدينا؟ ألسنا مساهمين في صنع جزء كبير من الأزمات الدائرة؟ إذن فلنكن على قدر المسؤولية ونعترف بالمشاركة في الخطأ على الأقل!
هذا السؤال صار مألوفا ومتكررا في كل مجلس وديوانية هذه الأيام، وأنا شخصيا لا أكاد أقابل أحدا حتى يسألني إياه، لكنني مع ذلك لا أظن أن الناس تسأل عنه من باب الاهتمام أو القلق على المجلس ونوابه، فالناس محبطة كثيرا منه ومنهم حتى وصل بعضهم إلى حد الكفر بالممارسة الديمقراطية الكويتية، بقدر ما أنهم يسألون، في تصوري، بحثا عن الجديد المختلف. صحيح أن الصحف تفاجئهم يوميا بأزمة حكومية - برلمانية جديدة، أو خبر فضيحة أو فساد جديد، لكن هذا الواقع بما فيه من أزمات وفضائح وفساد صار في مجمله روتينا معتادا وشيئا مألوفا بشكل باهت سقيم!أظن أن الناس في تساؤلهم المتكرر هذا يبحثون عن بصيص أمل يضيئون به واقعهم المليء بالعلامات الداعية للتشاؤم.أحد الأصدقاء العاملين في الإعلام المرئي، يقول لي منذ أيام إنه ما عاد يقابل كويتيا، لا من الحكومة ولا من البرلمان ولا من أي موقع آخر، يحمل نبرة تفاؤل أو نظرة إيجابية للمستقبل، فأجبته بأني لا ألوم الناس، فالتفاؤل الذي لا يقوم على أسس أو دلائل هو ضرب من الغباء والحماقة، والناس ما عادت ترى شيئا به من الصلابة ما يكفي يمكنهم من أن يقيموا عليه تفاؤلهم!حل المجلس على أي حال لن يوصلنا إلى شيء، لأن الحكم واثق بأن إعادة الانتخابات سيأتي بنواب على الشاكلة نفسها ومن ذات الطبيعة، وبالتالي ستجدنا وقد عدنا إلى المربع رقم واحد، بل لعلنا سنعود إلى مربع قبله في الجهة السلبية. هل أسمع من يتحدث عن الحل غير الدستوري؟ كذلك لا أظن أننا سنخرج بذلك من أزمتنا، بل لعلنا سنغوص فيها بشكل أعمق!هل تراني أوجه اللوم بحديثي إلى نواب البرلمان؟ لا أنكر ذلك، فقد صرت واثقا بأن برلماننا يتحمل جزءا كبيرا، وبصعوبة أمسك بقلمي من أن يكتب أنه يتحمل الجزء الأكبر من الملامة لما يحصل، ولكن قولي هذا في المقابل لا يعني أني أعفي الحكومة ولو بشعرة من مسؤوليتها في تحمل جزء كبير كذلك مما يحصل من تدهور.البرلمان والحكومة مسؤولان مسؤولية مشتركة عما يحصل، لكن المفارقة الأشد هي أننا كشعب نتحمل جزءا معتبرا من الملامة أيضا. أليس هذا البرلمان من صنع أيدينا؟ ألسنا مساهمين في صنع جزء كبير من الأزمات الدائرة؟ إذن فلنكن على قدر المسؤولية ونعترف بالمشاركة في الخطأ على الأقل!ليس مرادي أن أجعل من زاويتي اليوم مناحة أو بكائية على الواقع المريض، ولا قصيدة في جلد الذات، لكن مقصدي هو أن أبين أن اعترافنا جميعا بالاشتراك في الخطأ هو أول خطوة على طريق الخروج من الأزمة، وحينها سنتمكن من التفاؤل. وإن كان من عنصر باق يمكن لنا أن نتفاءل على أساسه، فهو العنصر البشري، وأنا أؤمن بأنه لايزال لدينا في المجتمع خامة جيدة من الأفراد يمكن لنا أن نستثمر فيهم، ولا أفضل من الاستثمار في البشر.
مقالات
هل سَيُحل المجلس؟!
26-10-2008