إن ما يحدث في غزة هو عار على كل عربي، ومجزرة وحشية تقوم بها آلة الحرب الإسرائيلية ضد أبرياء عزل مهّد له بشكل أو بآخر الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني من جهة، والانقسام العربي من جهة أخرى.

Ad

أنتِ مصر العظيمة شاؤوا أم أبوا، أنتِ حاضنة قضايا هذه الأمة المنكوبة، وأنتِ كل العروبة لا نصفها، فمنذ أول حرب دخلت فيها مع إسرائيل إلى زمن «الرويبضات» الذي نعيشه الآن، وحروبك عربية صرفة وحروب غيرك بالوكالة... ومواقفك ثابتة وعهودك محفوظة، وغيرك لا يستطيع العيش إلا في المناطق الرمادية والتحالفات المشبوهة، تعطين وأنت في عوز، وتهبين وأنت أشد حاجة للعطاء... يا لك من عظيمة يا مصر!!

مصر التي قادت ثلاث حروب عربية مع إسرائيل، مصر التي فقدت جزءاً من أراضيها من أجل عيون العروبة، مصر التي هجرها أشقاؤها العرب سنوات وسنوات، بسبب شعارات قومية وثورية داسوها بعد ذلك بأقدامهم في أوسلو.

من قتل الفلسطينيين في أيلول «سبتمبر»؟ ومن طردهم من بلاده وتركهم في الصحراء بلا ماء وكلأ؟ ومن استعبدهم في بغداد وضواحيها؟ ومن قتلهم في صبرا وشاتيلا؟ أتراه أنت «يا عزيزة»؟

بعد هذا كله يأتي من يحرض على مصر ويدعو شعبها إلى الثورة على نظامه، بعد هذا يتجمهر الرعاع أمام سفاراتها وقنصلياتها ويرشقونها بالحجارة، وأين؟ في عواصم عربية عندما كانت الأزمات تشتد على حكامها وتتزعزع كراسيهم، تجدهم يستقلون أول طائرة إلى القاهرة طالبين النجدة!!

على كل فإن ما يحدث في غزة هو عار على كل عربي، ومجزرة وحشية تقوم بها آلة الحرب الإسرائيلية ضد أبرياء عزل مهّد له بشكل أو بآخر الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني من جهة، والانقسام العربي من جهة أخرى، لكن تحميل مصر وحدها وزر ما يحدث فيه إجحاف وظلم لمصر شعبا وقيادة.

قد نجد مبرراً لما يصدره بعض الأطراف والدول من حملة التشكيك والتحريض على مصر بسبب أجندات سياسية وتحالفات إقليمية لا تخفى على أحد، أما أن يركب البعض في الداخل الكويتي موجة الهجوم تلك فهذا أمر لا تستحقه مصر من أبناء هذا الوطن، ولعل موقفها الرسمي والشعبي والإعلامي والعسكري أيام الغزو العراقي لبلادنا يمنعنا، ولو أدبياً، من اتخاذ هذا الموقف، وأنا هنا لا أقصد نقد مصر أو قيادتها في بعض القضايا، فلا أحد بلا عيوب أو أخطاء، أما الطعن في عروبة مصر واتهامها بلعب دور فيما يحدث لإخواننا الفلسطينيين في غزة، فهو أمر مؤسف أن ينساق له بعضنا.

ولأننا نعيش زمن المزايدات، ومتاجرة القادة بدماء شعوبهم لتحقيق المكاسب السياسية والحزبية، فإن علينا ككويتيين على الأقل عدم الانجرار خلف الشعارات الزائفة، ونحن من اكتوى بلهيبها في الثاني من أغسطس عام 1990، وهو اليوم الذي كل ما تذكرته قلت: رغما عن أنوفهم ستبقين عزيزة يا مصر، فنحن أهل وفاء لا ننكر المعروف، ولا نحنث بالأيمان، كما فعل بعض زعماء الفصائل وهم تحت ستار الكعبة.