سامي القريني ومجلس الثقافة
قرأت للشاعر سامي القريني مقالين متتالين، يسلط الضوء من خلالهما على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. لم يكُن القريني وحده من تطرّق إلى تأزّم الوضع الثقافي في الكويت، إذ ناقشت أقلام كثيرة الموضوع، وكلها ينطلق من زاوية «مجلس الثقافة». أرى أنه طبيعي أن يتعرّض هذا المجلس للهجوم، قد تكون اللغة التي كتب بها القريني مقالَيه ساخرة، ومؤلمة بعض الشيء، لكن لا بأس، لتتسع صدورنا للنقد قليلاً.
ماذا يريد المبدعون من المجلس الوطني للثقافة؟ ذلك أمر يجدر بنا مناقشته، هل أبدأ من الفنون الإبداعية المقروءة: قصة قصيرة - رواية - شعر أم الفنون البصرية: مسرح - تشكيل؟المسرحيون (بُحَّت أصواتهم) وهم يطالبون بإنشاء صالات عرض حديثة تليق بالكويت، المسارح القائمة الآن ينقصها الكثير، بما في ذلك «مسرح الدسمة» الذي أصبح الملاذ الأخير لكثير من المهرجانات والعروض المسرحية المحلية، ما مشاكل الفرق المسرحية الأهلية، وما العوائق المادية والفنية التي تواجههم؟ يمكن للقائمين على المجلس الوطني مناقشة ذلك مع أهل المسرح والمتخصصين به. المبدعون تحدثوا كثيراً عن مشاكل النشر، وما يواجههم من صعوبات مع التوزيع، أو آلية التعامل مع الناشرين، على «مجلس الثقافة» ألّا يتوقف عند حدود شراء نسخ من مؤلّف المبدع الكويتي ومن ثم تكديسه في المخازن، فالمبدع يكتب كي يقرأه الآخرون وليس من أجل مكافأة مادية زهيدة، لمَ لا ينشئ المجلس الوطني إدارة خاصة للتعامل مع دور النشر والموزعين خارج الكويت، بحيث تنتهي مهمة المبدع عند تأليف كتابه، وإذا كان صالحاً للنشر من الناحية الفنية، فإن على الإدارة المتخصصة أن تتابع توزيع الكتاب داخل الكويت وخارجه، مع الناشرين وشركات التوزيع، من دون أن يسعى المؤلف وراء كتابه، لا يعلم كيف يوزعه، وليست لديه فكرة عن عدد النسخ المطبوعة، أو عائد المبيع، وهو فوق كل ذلك يدفع مقابل النشر، أي أنه يتولّى كل شيء، من دون أن يعلم شيئاً عن حال كتابه في السوق ومدى الإقبال عليه، تلك مشكلات بالتأكيد سيجد المجلس الوطني لها حلولاً، إذا أراد ذلك.يمكن للمجلس الوطني أن ينشئ ورشاً للقراءة بالتنسيق مع وزارة التربية، ويكون ذلك على مدار العام، وليس مهرجاناً صيفياً كالذي نراه الآن لا يتجاوز ستين يوماً. أثبتت الأيام أن الكويت مليئة بالأقلام الواعدة (لننظر فقط إلى الجيل الذي ظهر بعد سنة 2000)، هناك ناشئون كثر تضج بهم المدارس من دون أن نعلم عنهم شيئاً، لمَ لا يستحدث المجلس الوطني آلية لاستقطاب هؤلاء وتدريبهم، وإمدادهم بالهدايا المادية والرمزية، كي يستمروا في طريق الكتابة، وفي تصوري أن ميزانية المجلس الوطني قادرة على ذلك.وأخيراً، ماذا عن قيمة جائزتَي الدولة التشجيعية والتقديرية، هل هي كافية بالقدر الذي يسمح بأن تحمل «اسم الدولة»؟ بالتأكيد لا، إن مبلغ 10 آلاف دينار ليس كافياً بالتأكيد لمن أفنى عمره في الثقافة واستحق هذا الشرف الكبير، الأمر ذاته ينطبق على جائزة الدولة التشجيعية، وهي بمقدار النصف، لمَ لا ننظر إلى مصروفات المجلس الأخرى في المهرجانات، واستقبال الضيوف، والرحلات الخارجية، إن مقارنة بسيطة تؤكد كم نحن نقدّر المبدعين!أحيي في الشاعر الشاب سامي القريني جرأته في الطرح والمناقشة، وأتمنى أن نجد في المجلس الوطني آذاناً صاغية.