إهمال الحكومة لبعض المشاكل العامة جعلها تصل إلى مرحلة متقدمة من التعقيد تتفجر بعدها فجأة وتبرز على السطح وتصبح، من ثم، مادة خصبة لوسائل الإعلام، ما يشكل ضغطاً على الحكومة ويجعلها تتخذ قرارات سريعة وغير ناجعة في محاولة منها للتظاهر بحل هذه المشاكل من أجل إنهاء حالة التذمر الشعبي والنقد الإعلامي اللاذع لها اللذين عادة ما يرافقان بروز المشاكل العامة وتناولها في وسائل الإعلام.

Ad

وما إن يخفت التركيز الإعلامي على هذه المشاكل حتى نجد أن الحديث الحكومي عنها قد خَفُت هو الآخر، فلم نعد نسمع أي شيء عما تقوم به الحكومة لمعالجة هذه المشاكل العامة التي لم تنته بعد بل إنها سرعان ما تبرز من جديد وبشكل أكثر مأساوية عن ذي قبل.

ومن القضايا التي دار حولها نقاش عام شديد السخونة وصل حد تقديم استجواب لوزير المالية الأسبق، تبرز قضية القروض الشخصية والاستهلاكية للمواطنين وكيفية معالجة المصارف التجارية لها والدور الرقابي غير الواضح للحكومية تجاه تفاقم هذه المشكلة حتى بات أرباب بعض الأسرة الفقيرة يدفعون جُلَّ رواتبهم تسديداً للفوائد المتراكمة على المديونيات التي اضطروا إلى تحملها.

وقد تباينت الحلول البرلمانية التي طُرحت لمعالجة تأثير تراكم هذه القروض على مستويات المعيشة لشريحة من الأسر الكويتية، فبعض أعضاء مجلس الأمة طالب بشراء الحكومة لمديونيات المواطنين كافة مع فوائدها، ومنهم من اقتصرت مطالبته على إسقاط الفوائد المترتبة على هذه المديونيات فقط أو شراء الحكومة لهذه الفوائد ومن ثم إعادة جدولتها على المقترضين بما يتناسب مع الدخل الشهري لكل منهم.

أما الحكومة، على الطرف الآخر، فكانت ترفض هذه المطالبات الشعبية والبرلمانية «جملة وتفصيلا»، ولولا المبادرة السامية لسمو الأمير بإنشاء صندوق سمي «صندوق المعسرين» برأسمال قدره 500 مليون دينار يتم الصرف منه لمعالجة التعثر عن سداد الديون التي يعانيها عدد من المواطنين من ذوي الدخل المحدود، لما التفتت الحكومة إلى هذه المشكلة.

بعد المبادرة السامية، لم يكن أمام الحكومة إلا العمل على تنفيذها حيث أعلنت أنها بصدد إصدار قانون وعمل لائحة تنفيذية تنظم عملية الصرف من هذا الصندوق وتحدد فئات المستفيدين منه، ثم فجأة خَفَتَ الحديث الحكومي عن «صندوق المعسرين» مع أن المشكلة لاتزال قائمة ولا نبالغ إن قلنا إنها في ازدياد وستنفجر يوما ما... والسؤال هنا هو هل لايزال هناك «صندوق للمعسرين» أم أنه قد تم غض النظر عنه؟!

وفي كلتا الحالتين، هناك مشكلة تتعلق بجودة الأداء الحكومي، لأنه إن غُضَّ الطرف عن الصندوق فهذا يُعَّد تراجعا حكوميا عن تنفيذ المبادرة السامية التي أتت لمعالجة مشكلة اقتصادية واجتماعية يعانيها قطاع من المواطنين.

أما إن كان الصندوق لايزال قائما، فإن عدم الإعلان الواضح والشفاف عن كيفية الاستفادة منه أو تعقيد إجراءات الحصول على المساعدة تعني أن بعضاً ممن يعنيهم الأمر من المواطنين، وهم غير القادرين على تسديد مديونياتهم للبنوك التجارية، قد لا يستفيد منه بشكل فاعل وذلك لعدم معرفته بالشروط المطلوبة أو لتعقيد الإجراءات اللازمة لاستحقاق المساعدة مما يعني عدم فعالية معالجة الحكومة لهذه المشكلة.