سمو الرئيس: هناك خلافات نيابية- نيابية، فلا تكن أنت وحكومتك طرفاً فيها، ولا تمل إلى أحد على حساب الآخر، فمن تقف إلى جواره فقد لا ينفعك، ومن تكن ضده فقد يملك القدرة على إحراجك سياسيا، كن دائما مع «الصح» وضد «الخطأ».

Ad

عندما يوقف الشيخ ناصر المحمد مشروع أمانة، ويلغي عقود المشاريع المخالفة، ويسعى إلى تطبيق القانون على صعيد منع الفرعيات أو إزالة التعديات والتجاوزات على أملاك الدولة بشتى صورها- قد نتفق معه على المبدأ ونختلف على آلية التطبيق- وأن يأخذ بملاحظات النواب في أكثر من قضية ويتسع صدره لسماع الجميع دون استثناء، فإننا لا نبالغ إن قلنا إنه يحمل نفساً ونهجاً إصلاحياً، لأن أي قول غير ذلك، فيه ظلم وإجحاف بحق الرجل.

أما في أزمة الفالي، ومشروع المصفاة الرابعة، وتسوية استجواب المليفي، وبعض القضايا الأخرى، فإننا نملك الشجاعة بأن نقول إن سموه قد أخطأ، إما بحسن نية، وإما بسوء تقدير، ونقدنا له هنا، نقد الناصح المحب، لا المتزلف أو المتصيد، وهو ما يجب أن يستمع إليه الشيخ ناصر أكثر من كلمات الإطراء ومعلقات المديح التي تضره أكثر مما تنفعه.

المرحلة التي يمر بها سمو الرئيس «سياسيا» ليست مرحلة الإشادة بتواضعه وأخلاقه الرفيعة، وهذا الوقت ليس وقت التركيز على مناقبه الشخصية وتواصله الاجتماعي، وليس وقت الكلام عن كرمه الذي يتحدثون عنه، بل مرحلة اكتشاف الأخطاء والسلبيات عبر الاستفادة منها وعدم الوقوع فيها مجددا.

سمو الرئيس: النوايا الحسنة لا تبني دولا، والمجاملات والترضيات لا تحقق الآمال والتطلعات، وحدها الحزم والحسم والإقدام، تعيد الهيبة وتخلق التوازنات في أدوات ومعطيات العمل السياسي، لاسيما أنك تمر في منعطف حساس في مسيرتك السياسية، أشبه بمفترق طرق، بين ما تؤمن به من مبادئ وآليات عمل حاولت تطبيقها، وما فرضه عليك الواقع الذي ربما فوجئت به بعد توليك المنصب.

سمو الرئيس: حميت ظهور وزرائك، ونسيت أن تحمي ظهرك وظهور أبناء عمومتك من الشيوخ في حكومتك... حصَّنت القبيلة والتيار والطائفة؛ محمد العليم، وعلي البراك، وباقر والشمالي وفاضل صفر والحمود، فأصبح الوصول إليك وإلى إخوانك أسهل ألف مرة من مجرد الاقتراب من وزرائك الآخرين، وهي معادلة معكوسة.

سمو الرئيس: ليس وحدهم من يعملون ضدك هم من طالبوا بتنحيتك عندما نجحوا في الانتخابات الماضية، وليس من قدم استجوابك، أو لوَّح به، هم من يضمرون لك السوء، فهؤلاء تعاملوا معك في وضح النهار ووفق ما يخولهم الدستور... انظر يمينا ويسارا، ستجد غيرهم يعمل لإحراجك، قد لا تلمس ذلك بشكل مباشر، لكنهم يفعلون ذلك خلف الكواليس وفي الاجتماعات المغلقة... ليس بالضرورة أنهم من أبناء عمك، لكنهم مؤثرون أكثر منهم، حتى إن وقفوا معك، أو أكدوا للقيادة العليا أنهم إلى جوارك، فلا تصدقهم ولا تركن إليهم، فهدفهم الحفاظ على مقاعدهم ومناصبهم، بعد أن قض مضاجعهم شبح حل المجلس والعودة إلى الشارع.

سمو الرئيس: هناك خلافات نيابية- نيابية، فلا تكن أنت وحكومتك طرفاً فيها، ولا تمل إلى أحد على حساب الآخر، فمن تقف إلى جواره فقد لا ينفعك، ومن تكن ضده فقد يملك القدرة على إحراجك سياسيا، كن دائما مع «الصح» وضد «الخطأ»، احتكم إلى القانون والدستور في مواقفك من النواب والكتل، حينها ستجد الجميع معك، فالآخرون همَّهم المصالح الشخصية، أما أنت فهمّك الكويت أولا وأخيراً.

سمو الرئيس: فلتعقد مقارنة بين ثاني حكومة شكَّلتها، والفترة التي شكَّلت فيها آخر حكومتين، هل زادت خصوماتك السياسية أم تناقصت؟ أنت ياسمو الرئيس من يملك الإجابة، فإن كنت قد أدركتها، فإن التركيبة التي ستظهر بها الحكومة الجديدة، إن قُبلَت استقالة الحالية، ونهجك القادم سيجعلنا نقول إنك الرئيس الإصلاحي كما قلنا ذلك في السابق، بعد أن بدأ الخصوم يعيروننا بتلك المقولة... سمو الرئيس الفرص قد لا تتكرر، وقديماً قالوا «عدو عاقل خير من صديق جاهل».