روبرت هانسن كويتي
لا اعتراض على التعامل مع القضايا الحساسة بسرية، ولكن عندما تتقاذف الصحافة تفاصيل قضية ضابط أمن الدولة مستندة إلى معلومات مسربة، فإنها تصبح قضية رأي عام تتطلب شفافية قدر الإمكان من قبل الجهات الرسمية للحد من الشائعات وإعادة الطمأنينة لنفوس الناس بما أن القضية تتعلق بأمن الدولة.
في فبراير 2001 ألقت المباحث الفيدرالية الأميركية القبض على أحد قيادييها روبرت هانسن بتهمة بيع أسرار أمنية لروسيا على مدى عشرين عاما، وهي قضية شغلت الرأي العام الأميركي لفداحة تفاصيلها ومدى الدمار الذي ألحقته بأجهزة الاستخبارات على يد أحد مخضرميها، إذ توصف بأنها «أسوأ اختراق أمني في تاريخ الولايات المتحدة،» وتم تجسيدها العام الماضي في فيلم «اختراق» (Breach).ومن بين ما أبرزته القضية تلك الأهمية التي توليها أجهزة الأمن للتدقيق والتحري الداخلي على أفرادها، إيماناً بأن الكفاءة والسرية الداخلية تنعكس على فعاليتها في الخارج، إذ امتد التحري وتجميع الأدلة ضد هانسن لسبع سنوات، وتم تعيين عميل خاص لمراقبته في الأشهر الأخيرة، إلى أن تم اعتقاله ومواجهة النائب العام له بأقصى تهم التجسس والخيانة حتى حكم عليه بالسجن المؤبد. ومما أبرزته القضية أيضاً تعامل السلطات الأميركية مع الاعلام بشفافية درءاً للشائعات والتأثير بسمعة الاستخبارات الأميركية دولياً. استذكرت شغفي بمتابعة قضية هانسن بينما تثار في الكويت هذه الأيام قضية ضابط أمن الدولة، وشتان ما بين القضيتين، إذ ضاعت الحقيقة بين تسريبات الصحافة وتصريحات الوزير وغياب الشفافية. فبينما تذكر الصحافة أن بريطانيا هي التي كشفته وأن أطرافاً أجنبية ضالعة بالقضية، وبينما تتداول الناس معلومة عن علم الداخلية بالقضية منذ فترة وأنها عرضت على الضابط المتهم الإحالة للتقاعد و«طمطمة» القضية، إلا أن الوزير ينفي بعض التفاصيل بتصريح صحافي عابر، والداخلية مستمرة في التزام الصمت، ورئيس جهاز الأمن الوطني منشغل في الغبقات. لا اعتراض لدي على التعامل مع القضايا الحساسة بسرية، ولكن عندما تتقاذف الصحافة تفاصيل القضية مستندة إلى معلومات مسربة، فإنها تصبح قضية رأي عام تتطلب شفافية قدر الإمكان من قبل الجهات الرسمية للحد من الشائعات وإعادة الطمأنينة لنفوس الناس بما أن القضية تتعلق بأمن الدولة.ومن أوجه التشابه بين القضيتين هو اضطلاع قيادات أمنية بها، فالمتهمان في القضية الكويتية مقدم في أمن الدولة ومقدم مُسَرّح من استخبارات الجيش، ما يبين حجم الاختراق الذي تعانيه أجهزتنا الأمنية، لدرجة أن ضابطاً ببساطة يستخدم «باسوورد» زميله لرفع قيود أمنية دون أن يشعر به أحد، ثم نحتاج إلى دولة أجنبية أخرى- بريطانيا- لتخبرنا عنه كما أوردت الصحف، بينما تبذل الأجهزة الأمنية المحترفة الغالي والنفيس لحفظ أسرارها وكشفها من الداخل. Dessertليت أجهزة الأمن والاستخبارات تكرس جهودها في حفظ أسرارها وضبط أفرادها بدلاً من قضاء أوقات الفراغ بالترصد للمدونات والندوات والأنشطة الطلابية والنقابية.