جمعيات النفع العام تنتظر توضيح الشؤون بشأن تناقض تصريحات وزيرها مع كتاب وكيلها 18 جمعية رفضت مشروع قانون تعديلها... وتكليف لجنة خماسية لمتابعته
في وقت نفى وزير الشؤون وجود قانون جديد للنفع العام، رفضت الأخيرة مشروع القانون المقدم من وزير الشؤون إلى مجلس الوزراء، القاضي بتعديل قانون إنشاء جمعيات النفع العام، كبديل عن قانون رقم 24 لسنة 1962 بشأن الأندية و«الجمعيات» جملة وتفصيلاً.نفي الوزير وتأكيد الوكيل
قبل ايام اظهرت تصريحات وزير الشؤون بدر الدويلة تناقضا مع تصريحات وكيله بشأن القانون، اذ حاول الوزير الدويلة إخماد نار التوتر الذي أصاب جمعيات النفع العام من جراء تسرب مشروع قانون جديد بخصوصها، حيث حصلت «الجريدة» على رسالة موجهة الى جمعيات النفع العام في الخامس من مايو الماضي موقعة من قبل وكيل الوزارة تنص على أن الوزارة قامت بـ «إعداد مشروع بقانون جديد لتنظيم عمل جمعيات النفع العام... غطى كل الثغرات والسلبيات في القانون الحالي، وعكس المستجدات التي طرأت على عملها...»، وأضاف كتاب الوزارة الموقع باسم الوكيل (ناب عنه في التوقيع مدير إدارة) ان «المشروع معروض حالياً على مجلس الوزراء تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال إصداره».يذكر ان هذا الكتاب يتعارض تماماً مع ما جاء على لسان الوزير الدويلة في تصريح للزميلة «القبس» قبل ايام، جاء فيه أن «مشروع قانون جمعيات النفع العام الذي يتداوله البعض مجهول المنشأ، ولا نعرف من أعده، وهو موجود في الأدراج منذ عشرة أعوام»، كما نفى الدويلة تعامل الوزارة مع هذا المشروع أو تداوله أو إرساله إلى إدارة الفتوى والتشريع أو مجلس الوزراء، مبيناً أن المشروع ربما طرح من قبل «كرأي» على أحد الوزراء «الذي قرر أنه غير ملائم فوضعه في الأدراج حيث مكث طوال هذه السنين»، وفي موازاة ذلك، لم يعلق الوزير او الوكيل حتى كتابة هذه السطور عما نشر بشأن هذا التناقض في التصريحات، حيث مازالت جمعيات النفع العام تنتظر توضيحاً حول كتاب الوكيل الذي يناقض تصريحات الوزير.ان التعديات على الحريات ليست وليدة اللحظة، اذ بدأت محطات التعدي على مؤسسات المجتمع المدني، منذ الانقلاب الأول على الدستور عام 1976، عندما حُلت مجالس إدارات الجمعيات، وعين بدلا منها أعضاء من مجلس الوزراء، ثم جاء الحل غير الدستوري لمجلس الأمة عام 1986، الذي صاحبه قرار الحكومة بعدم السماح بإشهار جمعيات النفع العام، الا لبنات «الأسرة»، تلت ذلك عدة محاولات حكومية لإنشاء جسم يعلو مؤسسات المجتمع المدني مثل هيئة الرقابة على جمعيات النفع العام التي كانت تتبع المجلس الأعلى للتنمية والتخطيط، وهي هيئة تابعة للهيكل الإداري لشؤون مجلس الأمة، واخيرا وليس آخراً اللجنة التنسيقية التي دعا اليها توجه وزارة الشؤون لفرض ضوابط جديدة على إشهار جمعيات النفع العام، بغرض تقليص مساحة الحريات وتكميم الافواه.جمعية الخريجينجمعية الخريجين إحدى جمعيات النفع العام التي رفضت كل انواع الرقابة والوصاية التي فرضها وتفرضها الحكومة على مؤسسات المجتمع المدني، وكان لها موقف حازم وحاسم تجاه هذه الهجمة الشرسة ومظاهر التعدي على الحريات، وطالبت الجمعية برفع كل الضوابط عن اشهار جمعيات النفع العام، وبرفع الدعم الحكومي عنها، وأن يسمح لأي جماعة تتبنى فكرا معينا او قضية ما بأن تشهر جمعية نفع عام تنطوي تحت مظلة القانون والآداب العامة، الامر الذي يثري العمل الاهلي، ويزيد من مساحة الحرية والديمقراطية.من جانبه، أكد رئيس جمعية الخريجين سعود راشد العنزي، أن الضوابط التعجيزية التي صرحت بها أخيراً وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لا تعد الاولى من نوعها، بل هي محطة من محطات التعدي على مؤسسات المجتمع المدني، التي بدأت عام 1976 عندما حل مجلس الامة، أو ما عُرف بالانقلاب الاول على الدستور، ومنعت وزارة الشؤون وقتها اشهار جمعيات النفع العام الا بموافقة من مجلس الوزراء، على الرغم من انه سمح لبعض الشخصيات المحسوبة على الاسرة، وتحديدا لبنات «الاسرة» بإشهار جمعيات نفع عام. وأضاف: المؤسف أن هذا النهج الحكومي استمر مع الجمعيات حتى بعد الغزو والتحرير، كأن هذه الجمعيات سيئة، ولا نفع من وجودها إلى ان ثبت العكس، ولم ينظر إلى جمعيات النفع العام نهائيا على انها تعمل من اجل مصلحة الكويت ومصلحة المواطنين. تحرك حكومي مضاد وذكر أنه قبل عامين بدأ تحرك حكومي مضاد إزاء جمعيات النفع العام، مما جعل جمعية المهندسين تقترح انشاء اتحاد لهذه الجمعيات، والحقيقة أن هذا كان امرا غريبا، اذ قامت جمعية المهندسين، بدعوة مجموعة من جمعيات النفع العام (لم تكن جمعية الخريجين من ضمنها) لمحاولة انشاء جسم أعلى من الجمعيات، يتحدث باسمها آنذاك لمساعدة الجمعيات الجديدة التي لم تمنحها الحكومة ارضا ولا دعما، وفي النهاية ذابت الفكرة لأنه كان هناك موقف واضح مضاد لها، ولم تمض أشهر حتى تسربت الينا فكرة من المجلس الاعلى للتنمية والتخطيط (قبل تعديل مسماه الى المجلس الاعلى للتخطيط والتنمية) تمثل مضمونها في انشاء هيئة للرقابة على جمعيات النفع العام، على ان تتبع هذه الهيئة المجلس الاعلى للتنمية والتخطيط، لا وزارة الشؤون، لكن فكرة وجود هيئة رقابية على مؤسسات المجتمع المدني، كان امرا مرفوضا على طول الخط.مسلسل مخطط ومدبر ومن السذاجة ان يفكر احد ان هذا التسلسل مصادفة، بل هو مخطط مدبر ومدروس، فعندما كان وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة عبدالهادي الصالح بصدد اعداد هيكل للوزارة، واذ داخل هذا الهيكل ادارة متخصصة في شأن المجتمع المدني وجمعيات النفع العام، ولا نعلم ما شأن وزير الدولة لشؤون مجلس الامة بجمعيات النفع العام؟! وهذه الفكرة هي الاخرى لم تصمد امام الموقف الواضح لقوى المجتمع المدني الرافض لتقييد الحريات والرافض لوصاية الحكومة على مؤسسات المجتمع المدني، وفي عام 2006 واستمرارا لمسلسل تقليص الحريات دعا وزير الشؤون آنذاك الشيخ صباح الخالد إلى اجتماع موسع مع جمعيات النفع العام للتنسيق، ونحن كجمعية الخريجين، رفضنا هذا الاجتماع ولم نحضره، وأعتبر أن النهج «السلطوي» الذي تتبعه الحكومة يعد انتقاصا للديمقراطية والحقوق الدستورية التي كفلها الدستور، متمنياً أن ترفع الدولة وصايتها عن مؤسسات المجتمع المدني، لأن هذا هو أساس الديمقراطية السليمة، مؤكدا أن جمعيات المجتمع المدني متى أعطيت الحرية، وانطلقت من دون وصاية من أحد، ومن دون تمويل من أحد، فستشكل مجتمعا مدنيا متكاملاً، مطالبا الدولة بالنظر إلى المستقبل لا إلى الوراء.رفض بالإجماعوكانت رفضت جمعيات النفع العام، مشروع القانون المقدم من قبل وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إلى مجلس الوزراء كبديل لقانون رقم 24 لسنة 1962 الصادر بشأن الأندية وجمعيات النفع العام، جاء ذلك في إطار دعوة جمعية الخريجين الى التداول في مشروع القانون، واتخاذ موقف موحد بشأنه، إذ حضر الاجتماع ممثلو 18 جمعية اتفقوا على تشكيل لجنة خماسية، مكونة من الجمعية الاقتصادية والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية وجمعية الخريجين وجمعية الشفافية وجمعية المحامين، تكلَّف متابعة موضوع قانون الجمعيات وإصدار بيان يوضح موقف المجتمعين ورفضهم لمشروع القانون، إضافة إلى العمل على مشروع قانون بديل ينسجم مع الحريات الدستورية وواقع العصر، ويمنح مؤسسات المجتمع المدني مزيداً من حرية العمل لمصلحة المجتمع الكويتي، وقد عرضت الجمعيات في الاجتماع تأكيد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد أنه لن يقبل المساس بحريات المجتمع المدني، مبدياً استعداده للاستماع الى وجهة نظر الجمعيات في كل الأمور التي تعنيها، وحرصه الشديد على ضرورة استمرار التنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني لضمان تماسكها من أجل تعزيز مكانتها وحريتها في العمل غير الحكومي ضماناً لدورها المجتمعي المتميز والمكمل لدور الدولة.