سعود الراشد... رائد التجديد ومطوّر الأغنية المعاصرة

نشر في 25-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 25-09-2008 | 00:00
يأتي الفنان القدير الراحل سعود الراشد في مقدمة مؤسسي الأغنية الكويتية، خلال فترتي الستينيات والسبعينات. امتدت شهرته إلى بقاع الخليج والجزيرة العربية، وما زالت أغنياته تردَّد إلى اليوم.

ولد الفنان الراحل سعود الراشد سليمان الرباح في مدينة الكويت عام 1922. نشأ في أسرة فنية، تعلّم من والده العزف على الربابة، ومن ابن أخته عبدالعزيز الراشد العزف على العود، بالإضافة إلى الدروس الكثيرة التي تلقاها من الفنان القدير أحمد الزنجباري، الذي تعلّم منه العزف بطريقة علمية، ودرّب صوته على أداء الأغنيات الصعبة.

عمل في بداية حياته موظّفا في وزارة الأشغال العامة كمراقب للبناء، ومن ثم مدقق حسابات. إلى أن انتقل إلى وزارة الإرشاد والانباء (الإعلام راهناً) رئيساً لقسم الموسيقى في الإذاعة الكويتية في بداية الستينات.

ظل الراشد يزاول هواياته وتأملاته بلا هدف معيّن أو طريق محدد حتى عام 1948. لسبب ما، ترك الموسيقى واحتجب لحوالى ثماني سنوات حتى عام 1956. عندما تكوّنت لجنة الفنون الشعبية، اختير ليكون أحد أعضائها الدائمين، بالإضافة الى عبدالعزيز حسين وحمد الرجيب وأحمد العدواني والمضف. كانت مهمتها جمع التراث الشعبي الكويتي من فنون الغناء والشعر والأدب والرقص والزي الشعبي والرسم وغير ذلك من الفنون الشعبية.

إذاعة خاصّة

بُثّت أعماله الغنائية في البداية عبر أثير إذاعة خاصة في الكويت اسمها «شيرين»، غنى فيها صوت «ملك الغرام». لقلة المواد الإذاعية المحلية، كانوا يذيعون الأغنية يوميا، وعندما افتُتحت إذاعة الكويت قدّم فيها الراشد أول أغنية له مع فرقة موسيقية، وهي عبارة عن صوت قديم اسمه «سادتي».

رائد تطوير الأغنية الكويتيّة

كان للراشد الفضل في تسجيل أغنيات متطورة عدة وإذاعتها في أواخر عام 1958، باعتماده على الألحان التقليدية وصهرها في قوالب عصرية، اذ أدخل عليها ما يُعرف بالمصاحبة الغنائية «الكورال»، وسُجّلت بمصاحبة الفرقة الموسيقية في استديوهات التسجيل في القاهرة، فكانت تؤرخ لبداية التطور الذي طرأ على الأغنية الشعبية في ألوانها القصيرة بعد أن أُتحفت بالتراكيب الفنية والأحاسيس المعبرة. من أبرز الأعمال التي قدّمها في تلك الفترة، «سادتي رقوا لقلب موجع»، «يابديع الجمال والله عجبني جمالك» و«فز قلبي يوم شفت الغاويات» و«وقائلة لما أردت وداعها». كان لتلك الأعمال فضل كبير في تهيئة الجو المناسب لدخول أول فرقة موسيقية في أواخر عام 1959.

يوسف دوخي

التقى الراشد المؤلف الدكتور يوسف دوخي أول مرة عام 1961، وأثمر ذلك اللقاء أغنية بعنوان «من علمك ياغصين البان» من فن «الصوت العربي» غناء وتلحين الراشد وكلمات دوخي. تقول:

من علمك يا غصين البان

هذا التجني على خلك

يا ناعس الطرف انا هيمان

خوفي اداريه من اهلك

تعتبر تلك الأغنية مع «سادتي» و{يا بديع الجمال» و{السحر في سود العيون»، و{قل لمن مل هوانا» و{ملك الغرام»، من أفضل الأعمال الغنائية التي قدِّمت في مجال الصوت، بالإضافة الى: «ان وجدي»، «البارحة»، «مرت بي الاقدار» التي كتبها ولحنها عبدالله الفرج وسامرية «ما ادري علامك» التي تعتبر أول سامرية يقدِّمها، وقد سجلها عام 1964، و«وقائلة لما اردت وداعها» و«هب ريح الصبا» من كلمات منصور الخرقاوي، و «مال واحتجب» شعر احمد شوقي. يقول مطلعها:

مال واحتجب وادعى الغضب

ليت هاجري يشرح السبب

عتبه رضا ليته عتب

عل بيننا واشيا كذب

الأغنية الوطنيّة

للراشد أعمال جميلة في مجال الأغنية الوطنية، منها «دارنا يا كريم» و{اشرقت يا عيدنا» كلمات منصور الخرقاوي، «درة الصحراء» شعر فاضل خلف، و{عيدنا في بلدنا»، تأليف بدر الجاسر، و «غالي ومكانك عني» و{عاشت بلدنا»، «رفرف علم بلادي» التي تعتبر أول وأسرع أغنية وطنية سجلها الراشد في أيام أزمة عبدالكريم قاسم، يقول مطلعها:

رفرف علم بلادي

فوق السهل والوادي

روحي والله وفؤادي

افديها لك يا علمنا

قدم الراشد أغنيات كثيرة وألحانا للمناسبات الدينية والرياضية منها: «أمي» من كلمات أحمد أبو بكر ابراهيم، دعاء «يارب يا غفار» أداه حسين جاسم، و{فرسان الدورة» غناها غريد الشاطئ، و»يا الله نروح الملعب» غناء المطرب صالح الحريبي.

ألحان غنائيّة

غنى من ألحان الراشد الكثير من المطربين الكويتيين والعرب، من هؤلاء: حسين جاسم في أغنية «البحر والليل» من كلمات خالد العياف، وغريد الشاطئ في أغنية «ليل الشوق» من كلمات بدر بورسلي، وليلى عبدالعزيز في اغنية «يا بخت عينه» من كلمات هشام الحسيان، وصالح الحريبي في أغنية «اسألك بالله» من كلمات محبوب سلطان، والفنان البحريني ابراهيم حبيب في أغنية «دار الهوى دار».

امتازت أعماله الغنائية بالبساطة والسهولة، ما أكسبها شعبية كبيرة، ومن هنا استطاع أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ليصبح بحق علمًا من أعلام الغناء في الكويت... من أعماله الغنائية الرائعة أغنية «هب ريح الصبا»، من كلمات منصور الخرقاوي والتي يقول فيها:

هب ريح الصبا والطير غنى

ذكر القلب ايام قديمة

يا خليل على خله تجنى

المولع ترى عينه رحيمه

وفاته

توفي الراشد في 5 يوليو (تموز) 1988م، وكانت وفاته صدمة كبيرة لمحبّيه، خصوصاً بعد أن ذاعت شهرته في الخليج وأرجاء الجزيرة العربية. يذكر أن له من الأبناء والبنات: سعاد، صلاح، رياض، رباح، مريم، نجاح، خلود، نداء، هاني، غادة.

من أقواله

• {في الماضي لم يكن هناك ناد او جمعية للفنانين. كانت السمرات الخلوية هي منطلق الفن في الكويت قديمًا».

• «تعلّمت على يد الفنان الكبير أحمد الزنجباري العزف على العود، وإليه يرجع الفضل، فقد استفدت من روحه الفنية».

• {الذي قمنا ونقوم به هو عبارة عن تجديد فحسب، أما التطوير فيحتاج منا الى دراسة وبحث حذر كي ننفذه بمعناه».

• «أعتقد أن الفنان أحمد الزنجباري سبق زمانه في أعماله... وأنه حتى بعد 20 عاما نستطيع أن نقدم أول لحن قدمه، وهو الفنان الوحيد الذي قدم الأغنية الكويتية الحقيقية».

• «كان الفنان أيام زمان له صولاته وجولاته وله مكانته في الطرب، كان يحرص أن يقول شيئا جيدا ويحمل أصالة ما يحمله من تراث بلده من فن اصيل من دون تشويه او زيف».

• {أحسن من قدم السامري هو فنان الكويت المرحوم عبدالله فضالة ويخلفه الفنان يوسف المهنا. أنا معجب كثيرا بأغنية «بياع الهوى» التي غناها مصطفى أحمد... وهي من كلمات محبوب سلطان».

• «في الكويت أحسن من يقدم الصوت الكويتي القديم هو محمود الكويتي ويليه يوسف وعوض دوخي».

• «غنام الديكان فنان يحمل طابعا خاصا أقرب الى الروح الكويتية».

back to top