الحق أن تهديد شقيقة الشهيد «لطيفة الرزيحان» من قبل أي مسؤول كان يعد عاراً في جبين الكويت: حكومةً وشعباً وبرلماناً على حد سواء، ذلك أن ما قامت به الرزيحان حين صرخت في احتفال جماهيري مطالبة بعدم نسيان شهداء الكويت، يعتبر من صلب حقوقها، ولا يثلم ويعيب نصرتنا لغزة الصامدة واحتفائنا الشديد بشهدائها الأبرار.

Ad

في احتفال جماهيري لنصرة غزة فاجأت المواطنة «لطيفة الرزيحان» الحضور بصرخة ألم بشأن شهداء تحرير الكويت الذين طواهم النسيان، وزأرت في وجوه النواب المتصدرين الاحتفالية بالفم المليء مرارة، مخاطبةً إياهم شخصياً، بصريح العبارة: كيف تحتفون بشهداء غزة وتتناسون شهداء الكويت؟! من نافل القول التنويه «بأن الزفة الاعلامية الاحتفالية التي حظيت بها قضيتهم تلاشت، بل أحيلت إلى الاستيداع، بما في ذلك مسألة البحث عن رفاتهم، بدعوى أن الظروف الأمنية لا تسمح لفرق البحث بممارسة عملها بيسر وأمان، اللهم لا اعتراض!

لكن هذه الحجة الواقعية، يبدو أنها الذريعة التي اتكأت عليها الحكومة الرشيدة، ومجلس الأمة الراشد هو الآخر، لإغلاق ملف المفقودين إلى الأبد!

والعجيب الغريب أن صرخة شقيقة الشهيد «لطيفة الرزيحان»، ومطالبتها بأن يقوم المحتفلون بإجراء مزاد على غترة وكوفية شقيقها، أثار حفيظتهم والأنكى من ذلك أنها تلقت تحذيراً وتهديداً يدعوها إلى أن تبلع ريقها، وتكف عن إثارة محنة المفقودين، التي لم يبقَ منها الآن سوى البحث عن رفاتهم التي قد تكون في المقابر الجماعية الكويتية، وفي المقابر الجماعية العراقية بداهة.

والحق أن تهديد شقيقة الشهيد من قبل أي مسؤول كان يعد عاراً في جبين الكويت: حكومةً وشعباً وبرلماناً على حد سواء، ذلك أن ما قامت به شقيقة الشهيد يعتبر من صلب حقوقها، ولا يثلم ويعيب نصرتنا لغزة الصامدة واحتفاءنا الشديد بشهدائها الأبرار. إن «لطيفة الرزيحان» مواطنة مكلومة برحها الشوق لرؤية رفات شقيقها الغائب الذي لن يعود، وباتت أحلامها مختزلة في أن يُدفن رفاته في حضن الوطن.

ولست أروم في هذا السياق أن يكون صوتي نشازاً وسط ألحان الأعياد المبهجة في شهر فبراير المبارك! غاية ما هنالك هو أن إغلاق ملف المفقودين لا يجوز أبداً أن يتم بجرة قرار فوقي «همايوني» بمنأى عن استمزاج رأي أهالي المفقودين كافة.

كان الشعار الوطني الذي يسكن الوجدان الجمعي للكويتيين هو: لن يهدأ لنا بال إلا بعودة آخر أسير كويتي إلى أرض الوطن، وهذا الشعار الذي يُنسب إلى سمو الأمير الراحل غفر الله له، ويبدو أنه قَبَرَ الاهتمام الشديد بمحنة المفقودين، بذات اللحد الذي ضم الجثمان الطاهر لسمو الأمير الراحل. ولو لم يكن كذلك: لم لا تُفتح المقابر الجماعية داخل الكويت، لا سيما أنها معروفة، وبُحت الأصوات المطالبة بفتحها، لا سيما أن فتح بعضها أفضى إلى العثور على رفات مواطنين كويتيين!

وإلى حين أن يتم ذلك حسب أهالي المفقودين رفع شعار «لن يهدأ لنا بال إلا بعودة آخر رفات للمفقودين».