خذ وخل: تنكيت وتبكيت انتخابات الكويت! (2-2)

نشر في 18-05-2009
آخر تحديث 18-05-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • منذ أن اقتحم قاموس حياتنا اليومية صفة 'الناشط' في أي مجال إنساني، صارت الصفة مجانية تطلق وتلصق بكل من هب ودب بـ'نشاط' لا يغني ولا يسمن من جوع، فثمة نشطاء للدفاع عن حقوق المثليين، ولو كانت حقوقهم هم الأسوياء مثلومة أو مسلوبة! وقد تجد عجوزا دردبيسا، انتهى عمرها الافتراضي من سنة 'هدامة' لكنها تمارس خبز الرقاق كفعل تدبير منزلي يحيي العظام وهي رميم، ثم تنعت نفسها بالناشطة، دع عنك تلك المواطنة التي أطلقت صرخة نسوية عالية 'بساحة الإرادة' من جراء خشيتها من صرصور تسلق كعبها العالي، فصارت هي الأخرى ناشطة... كما هي حال 'بريجيت باردو' الناشطة الفرنسية في مجال حقوق الحيوان، لأن إنسانهم ينال حقوقه بالعدل والقسطاس! وليس بطلوع الروح كما يحدث في بلاد العرب أوطاني! الحق لو لم أكن إنسانا كويتيا لتمنيت أن أكون حيوانا فرنسيا أوروبيا غربيا، تأسيا بالجاليات العربية الحاضرة في أوروبا وكندا والأميركتين!

لعلني لا أغالي إذا ذكرت بأن روح العمل التطوعي لا تشكل ظاهرة اجتماعية لسوء حظ البلاد، بل هي تكاد تكون محصورة في شلة من المواطنين 'من الجنسين' فقط لا غير ربما لأننا ألفنا الاعتماد على الجمعية الخيرية الوطنية المعروفة باسم الحكومة الرشيدة!

• ولأن التأخر عن الذهاب إلى العمل أو إلى أي موعد يعد من تقاليدنا القومية العريقة، فقد غامرت بالذهاب إلى مدرسة الخليل بن أحمد بمنطقة كيفان قبل الموعد بربع ساعة تجنبا للزحام، والفوز بملاحقة عيون الكاميرات الفوتوغرافية والتلفزية، فضلا عن عيون وزارة الداخلية التي كان عدد أفرادها أكثر من عدد الناخبين الشياب 'مثالي' المبتلين- بالضرورةـ بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرهما، لم يكن عدد الناخبين يتجاوز العشرين.

دقت الساعة الثامنة وظل باب المدرسة مغلقا، مرت دقائق والشياب يكابدون الوقوف في الشمس، كلمت ضابطا عن سر التأخير قال إن القاضي لم يأمر بعد بفتح الأبواب، وهنا شرع الشياب بإبداء تذمرهم، لأنهم مضطرون إلى الذهاب إلى الحمام 'زي الناس' كل نصف ساعة وربما أقل زد على ذلك أن حرارة الشمس ترفع معدل سكرهم، وتثير غضبهم ونزقهم، وعصبيتهم الشديدة.

الشاهد بلغ السيل الزبى... قلتها لنفسي وأنا أعود أدراجي إلى المنزل دون ممارسة حق الاقتراع، وأخبرني صديق بأن بعض الناخبين المرضى غادروا المكان غير آسفين، ويبدو لي أنني مهيأ نفسيا للانسحاب الفوري، وأعترف أني ذهبت إلى مقر الاقتراع على مضض! وغادرت المكان بمشاعر محايدة، لا مجال فيها للإحساس بالذنب، وما إلى ذلك، وكأن ذهابي مجرد إعلان موقف يشهر مواطنتي الحريصة على أداء حقوقها، ولعل إخوتنا النواب يغيرون قانون الانتخاب بحيث يسمح للرفيق 'كومار' بالوقوف في الحر والقر مكان 'البابا' إلى حين يأتي دوره في الاقتراع، وما دامت الاقتراحات ببلاش ومجانية ليتهم يسمحون للناخب توكيل 'كومار' نفسه للقيام بمهمة مولاه و'معزبه' أو معذبه... لا فرق!

الزبدة أني لست معهم في عملية اختيار النواب ولله الحمد، حسبي أني امتطيت الطائرة كرمى للانتخابات، لكن الحق على القاضي الذي لم يأبه بالمرضى الواقفين في الشمس لأجل سواد عيون العرس الديمقراطي!

back to top