Merry Christmas
للسنة الثالثة على التوالي تتقارب الأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية زمنيا في وقت تباعد المسافات بينها بدرجة قياسية تتناسب طرداً ودرجة التخلف والتطرف والعنف التي تسود العالم، وباقتراب الكريسماس مولد سيدنا عيسى النبي- كما تعلمنا من القرآن الكريم- تتعالى الدعوات والفتاوى المستهلكة بتجريم الاحتفال بمولده وبتحريم «تهنئة الكفار بأعيادهم» كما وصلني من «شيخ» دين لم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين.الأبغض هو منع «المسلمين» من تداول دعاء «ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا (ذنوبنا) وخطايانا أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ» بدعوى ضعف إسناده واقترابه من صلاة «النصارى»، كأن ربنا الذي في السماء مختلف عن رب المسيحيين واليهود.
وفي خضم دعوات منع التهنئة بالكريسماس وقمع احتفالات رأس السنة الميلادية نقرأ تصريح السيد محمد باقر المهري بأن «ميلاد السيد المسيح عليه السلام ميلاد للخير والبركة والرحمة والعدالة والفضيلة» (القبس 21 ديسمبر 2008). وهو كلام جميل جدا لولا وقوعه في نَفَس وحل التكفير الذي بدأ يستنكره بقوله إن «الذي يمثل الإسلام المحمدي والشريعة الغراء هم المرجعيات الدينية وفقهاء الإسلام... أما غيرهم فلا يمثلون الإسلام...» حتى ينتهي باستنتاجه «إن عيد المسيح (عليه السلام) عيد للإسلام والمسلمين الحقيقيين لا للجماعات التكفيرية المتعصبة». رسالة سيدنا المسيح هي الرفق والحب والتسامح، ونحن في هذه الحقبة الحرجة بحاجة لاسترجاع وممارسة دعواه وتعليماته خصوصا فيما يخص قبول «التعايش» مع الرأي الآخر رغم قناعتنا ودون أن يكون «الإقصاء» أو الإلغاء بديلا متاحا. والوصول إلى هذه المرحلة من التسامح يتطلب بعض «الإيمان» والكثير الكثير من تدريب وترويض النفس، ولكنه مجهود لابد منه إن رغبنا أن نبقى. ليكون مولد سيدنا المسيح هو اليوم الذي نرفع أصواتنا بالشكر والدعاء مع إخوتنا المسيحيين ونقول: «امنحنا أن نكمل هذا اليوم المقدس وكل أيام حياتنا بكل سلام من خوفك ومن كل حسد وكل فعل الشيطان، ومؤامرة «الناس الأشرار»، وقيام «الأعداء الخفيين والظاهرين»... أو كما ورد في الإنجيل «علمنا أن نكون متسامحين يا أبانا الذي في السموات».