Ad

منذ كان طفلاً كرّس الفنان غسان سالم حياته للتمثيل وتدرّج حتى وصل الى أدوار البطولة في أعمال لبنانية أسست عصرًا ذهبيًا للفن. مع ذلك يعيش اليوم حالة من الندم لأنه امتهن التمثيل ويصفه بقلة الوفاء وبسلطة تمتزج فيها المحسوبيات بالعلاقات الشخصية. عن تلك الأمور، يتحدث سالم إلى «الجريدة» بجرأة وصراحة.

حدثنا عن بدايتك في الفن؟

عملت في الكومبارس حين كنت في 11 من عمري وأفخر بأنني بدأت من هذا المستوى. دخلت الى معهد الفنون في الجامعة اللبنانية قسم التمثيل ونلت دبلوم دراسات عليا في التمثيل والإخراج.

شكّل مسلسل «الصقيع» محطة مهمة في مسيرتي الفنية، إذ مثلت دور البطولة المطلقة فيه للمرة الأولى، وهو من كتابة أنطوان غندور وإخراج باسم نصر وبطولة مي صايغ وايلي صنيفر، نجح وحقق شعبية إلى درجة خض البلد. كرت السبحة بعد ذلك، فشاركت في أدوار البطولة في مسلسلات «نساء في العاصفة»، «ليل الذئاب»، «سجين الاصابع»، «الكوخ القديم»، «لا أمس بعد اليوم». قدمت مسرحتين: «بليز مع وقف التنفيذ» مع مارسيل مارينا وجورج شلهوب و{عرف الأخوت» مع نبيه ابو الحسن.

هل حققت ما أردت في مسيرتك؟

ليس في لبنان ما يسمى بالطموح، فهو إن وجد يُقتل لأسباب عدة. لم أحقق ما أطمح إليه ولست متأملاً أن أفعل ذلك في بلد تغيب فيه المعايير والقيم المهنية والاحترافية. أعتبر ما حققته محاولات متواضعة أشكر الله عليها، فإن سمحت الظروف أكمل المسيرة لكنني لن أسعى جاهدًا وراءها، أترك الامور على طبيعتها.

كيف ترى الإنتاج اللبناني بين السابق والراهن؟

عندما بدأت التمثيل، كانت هنالك بعض المعايير المطبّقة إلى جانب الاحترام والتقدير، وكانت النقابة الموحّدة تضبط الأمور. راهنًا، ثمة فلتان ومن أراد التمثيل أو الكتابة أو الإخراج يفعل ذلك. دخلت الصداقة والعلاقات الشخصية والعاطفية والمشبوهة هذا المجال، لم يعد الممثل يُختار لكفايته بل لأمور أخرى.

هل تظن أن هذا الواقع يعاني منه العالم العربي أيضًا؟

قد يكون موجوداً لكنني لا أستطيع الجزم لأنني لا أعيش في العالم العربي. لا أتحدث إلا عن الأمور التي تحصل في لبنان.

كان آخر ظهور لك في مسلسل «غنوجة بيا» ولم تقدم دور البطولة الأول، ما السبب؟

اتفقت مع المنتج أن أقدم دور البطولة ولا أعرف كيف تغيرت الأمور في التنفيذ. في الحلقات الأولى كان دوري كبيرًا ومن ثم اضمحل، لكنني لم أهتم لأنني أحببت الدور المرح الذي أُسند إليّ، حُفظت قيمتي المعنوية عندما وضعوا اسمي في الجنريك تحت عنوان بطولة، لكنني تفاجأت بتغييبي في الحلقات اللاحقة وكذلك في الفيلم السينمائي.

ألا يؤثر في شعبيتك عدم وجودك راهنًا على الشاشة؟

طبعًا. لكن ماذا أفعل، هل أؤسس شركة إنتاج وأتعدى على إطار عمل غيري. كيف أكون منتجًا ولست كذلك؟

هل تنتظر أن يُقدم إليك عرض عمل؟

لا، لأنني لا أطمح الى شيء في هذا المجال.

ماذا تفعل إذًا؟

أسجل بصوتي قسمًا كبيرًا من الإعلانات في لبنان والعالم العربي وأعمل في «ستار أكاديمي» وفي أفلام وثائقية.

هل حاولت الكتابة والإخراج؟

تحتاج الكتابة الى من يشتري النصوص، والإخراج الى خبرة وممارسة وتدرّج.

هل قدِّمت إليك ادوار رفضتها؟

كلا. ثمة حديث عن مسلسل من المفترض بدء تصويره قريبًا. تحدثت مع المنتج والكاتبة، وما زلت أنتظر.

هل تشعر بالحماسة للعمل الجديد؟

كلا. لا فرق عندي إذا مثّلت أم لا، أعيش من مهنة أخرى، لا أحتاج الى إذلال نفسي ولا أصادق منتجين ومخرجين وكتابًا ولا أقدم تنازلات لأحصل على دور.

هل ثمة خطوط في الفن؟

خط أحمر واحد هو الأخلاق. يحترم الفنان الخلوق مواعيد التصوير ويكون في مكان التصوير لحفظ الدور وتجربة الثياب ولا يزعج زملاءه في العمل.

كيف يؤمن الممثل الراهن استمراريته؟

عبر علاقات غير شرعية او مصالح مشتركة او تقديمات كما يفعل البعض، في حين يحالف الحظ البعض الآخر فيُستهلك حتى يمل الجمهور منه ومن ثم يحضر المنتجون غيره.

كيف ترى حركة المسرح والسينما والتلفزيون؟

سَلطة. لكن هذا لا يمنع وجود بعض الأعمال المهمة مثل فيلم «كراميل» الذي نفخر به لبنانيًا.

هل تلقيت عروضًا عربية؟

سابقًا نعم، عُرض علي العمل مع ليلى علوي وأمينة رزق وكنت حينها صغيرًا فرفضت. من الممكن أن تكون فرصة ضائعة لكنني لا أندم عليها، لأنني أظن أن الممثل اللبناني قد يحقق وجوده في العالم العربي، لكنه سيحارب كما يحصل مع الانتاج اللبناني، ففي مصر آلاف الممثلين وعشرات المنتجين. مثلاً صباح، على الرغم من جمالها وصوتها وحياتها التي عاشتها في مصر وشهرتها هناك حوربت من قبل زملائها، فكيف بالحري أنا؟

ماذا عن تجربة الغناء؟

عندما غنيت صرّحت أنني لا أفرض نفسي مطربًا لأنني ممثل يؤدي أغنية. عرض علي عندها تقديم اغنية ديو مع الممثلة ورد الخال كتبت كلماتها والدتها مهى بيرقدار ولحّنها الأمير الصغير في مناسبة عيد العشاق. أحبها الناس، ما دفع شركة ميوزك ماستر الى إنتاج ألبوم خاص بي عنوانه «عيون الماس».

لماذا لا تدخل إطار الغناء طالما صوتك جميل؟

إن كان وضعي هكذا في التمثيل هل أدخل الى الغناء حيث الزواريب والقصص التي لا تنتهي؟ جميعنا نعرف كيف ينطلق الفنانون وكيف تُدفع الأموال.

ما الحل برأيك لهذا الواقع؟

نحتاج الى المهنية والاحتراف ووضع كل إنسان في مكانه المناسب، بالإضافة إلى أنه لا يتوافر لدينا قانون مهني لضبط الوضع.

لماذا لا تأخذ موقفًا مع غيرك من الممثلين المنزعجين من هذا الواقع؟

لم يعد يهمني، لأنني أعرف النتيجة. إن قدمت راهنًا مسلسلاً او أكثر يأتي بعد ذلك المجهول، وهنا أسأل أين سمير شمص وجوليا قصار وأنطوانيت عقيقي وزينه ملكي؟

هل المطلوب منهم التنازل؟

ثمة ضياع وقلة احترافية وعدم احترام. إنها سلطة تتضمن كل الأنواع والأحجام في الفن والغناء والسياسة والعلاقات الاجتماعية. هذا التشاؤم يعيشه الجميع، حتى الممثلين الذي يعملون راهنًا يجهلون مستقبلهم. مهنتنا هي مهنة عدم الوفاء، فلننظر الى ليلى كرم وصلاح تيزاني وصباح، أين سلوى القطريب؟ من أكون أنا مقارنة بهم. لماذا لا يدعون ملحم بركات الى بعلبك ونجوى كرم وغيرهما. لماذا يحضرون المنسيين في البلاد الأخرى ويهتمون بهم في لبنان ويكرمونهم ويصرفون عليهم أموالا طائلة بغض النظر عن وردة الجزائرية. ألا يستحق بعض الفنانين اللبنانين أن يقفوا على مدرج بعلبك!

هل أنت نادم؟

أندم أنني دخلت الى مجال أحببته وخذلني. لا أعتبر أنني حققت شيئًا، تسليت وأسست اسمًا صغيرًا.

هل تتابع الأعمال العربية؟

ليس كثيرًا، لكنني أحب عادل امام. أتابع كل أعماله وأشاهدها مئات المرات وأتجمد أمام الشاشة عندما اراه. أشعر أنه قريب من القلب ومحبوب، لا أملّ من أعماله فهي متنوعة ومتجددة. أرى أنه الممثل العربي الأول ومن يأتي بعده تفرّق بينهما أشواط.