لماذا تحضر إيران القمم الخليجية؟!

نشر في 28-08-2008
آخر تحديث 28-08-2008 | 00:00
 صالح القلاب

لاشك في أن مجلس التعاون الخليجي، بإنجازاته المتواضعة جداً التي أنجزها، قد شكل حالة متطورة في الحالة العربية الرسمية المهترئة والمزرية، ولذلك فإن إدخال إيران، التي تشبه أسداً يتضور جوعاً، إليه سيجعله محوراً استقطابياً في المنطقة.

من المفترض ألاَّ تغضب الصراحة أحداً وهي مطلوبة وضرورية، فبينما الوضع العربي هو هذا الوضع، وبينما المنطقة كلها مهددة بانفجار كبير، فإنه لابد من التساؤل عن الموجبات التي تدفع دول الخليج العربي الى دعوة إيران، وهذه ليست المرة الأولى، لحضور قممها والقمة التي ستعقد في فبراير المقبل في سلطنة عُمان، والتي من المتوقع أن تكون من أهم القمم التي عقدها مجلس التعاون الخليجي÷، والأسباب هنا كثيرة جداً من بينها أن هذه القمة ستنعقد على مرمى حجرٍ مـــن مضيق «هرمز» الذي يواصل كبار المسؤولين الإيرانيين التهديد بإغلاقه.

إن مبرر دعوة إيران إلى حضور هذه القمة التي ستعقد في عُمان في فبراير المقبل هو أن هذه الدولة بحكم إطلالتها الواسعة على الخليج «العربي» تعتبر دولة خليجية وقد يأتي اليوم الذي قد تصبح فيه عضواً في مجلس التعاون الخليجي الذي، إن هي دخلته بعضوية كاملة، سيصبح مجلساً لها وسيصبح القرار فيه قرارها «الشرعي والوحيد» الذي لا قرار غيره.

هناك دولتان عربيتان لهما إطلالة على الخليج العربي الذي تصر إيران «الشقيقة» على أنه فارسي، لا عربيّ ولا إسلامي، هما العراق الذي إطلالته مباشرة ومثله مثل إطلالة الدول المشاطئة الأخرى واليمن الذي من المفترض أن يكون دولة خليجية لأكثر من سبب، ولذلك فإنهما الأولى بحضور قمم مجلس التعاون الخليجي سواء كان هذا الحضور بعضوية كاملة أم بعضوية شرفية، وفي هيئة مراقب فقط.

كانت دول مجلس التعاون الخليجي قد تحاشت انضمام العراق، في عهد حكم حزب البعث وصدام حسين، الى عضوية مجلسها خوفاً من أن يصبح الرقم الرئيسي في هذه المعادلة ومن أن يتحول هذا المجلس الى أداة من أدوات نظام متسلط ومستبدٍ ويسعى دائماً الى مد نفوذه الى الدول العربية القريبة والبعيدة، وحقيقة أن هذه المواصفات والصفات جميعها تنطبق على إيران الحالية وعلى رئيسها محمود أحمدي نجاد... وربما أيضاً على مرشد الثورة السيد علي خامنئي الذي تشير توجهاته إلى أنه الداعية الأكبر لـ«الثورة الدائمة»!!.

لقد دعيت إيران إلى حضور قمة مسقط، التي من المقرر انعقادها في فبراير المقبل، لأنها كانت قد دعيت الى قمة الدوحة السابقة، وبالتأكيد فإنها ستدعى الى بعد قمة مسقط، إذا لم تكن هناك وقفة مصارحة تضع النقاط على الحروف، فالأمور عادة تبدأ بهذه الطريقة والعمل السياسي مثله مثل ملاعب كرة القدم، يعرف أيضاً عمليات التسلل التي مع التكرار تصبح أمراً واقعاً يفرض نفسه على اللاعبين، وهذا هو سبب التخوف من الحضور الإيراني المتكرر للقمم الخليجية.

لا يمكن أن تبقى إيران ضيفاً مؤدباً إن هي بقيت تحضر القمم الخليجية حتى لو بصفة مراقب، فهذه دولة إقليمية كبرى لها أطماع كثيرة في هذه المنطقة، ويقيناً أنه من غير المستبعد أن يطالب محمود أحمدي نجاد، الذي مدد له مرشد الثورة علي خامنئي خمسة أعوام جديدة إضافة للسنة المتبقية من فترة رئاسته، إن هو حضر قمة مسقط والقمة التي تليها، والتي... الخ. بأن تصبح طهران أو «قُم» المقر الدائم لمجلس التعاون الخليجي!

لاشك في أن هذا المجلس، مجلس التعاون الخليجي، حتى بإنجازاته المتواضعة جداً التي أنجزها، قد شكل حالة متطورة في الحالة العربية الرسمية المهترئة والمزرية، ولذلك فإن إدخال إيران، التي تشبه أسداً يتضور جوعاً، إليه سيجعله محوراً استقطابياً في المنطقة وسيجعل العراق بعد التخلص من هذه اللحظة المريضة معنياً بدخوله مدفوعاً بضرورة إقصاء «طهران الثورة» من هذا الإطار العربي الذي لا يجوز وبأي شكل من الأشكال أن يصبح مطية لأي قوة إقليمية على حساب العرب والمصالح العريبة.

* كاتب وسياسي أردني

back to top