Ad

هل يرجع السبب وراء رفض تأجيل بداية العام الدراسي إلى سطوة أصحاب المدارس الأجنبية وضغطهم وحرصهم على الالتزام بمواعيد ثابتة، من أجل إجازات مدرسيهم القادمين من الخارج؟ أم ان هناك عناداً وتشبثاً بالرأي بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة؟، وهل يدفع الطلاب وأولياء أمورهم والمعلمون ثمن هذا العناد؟!

القرار الصدمة الذي أصدره مجلس الوزراء برفض تأجيل بداية العام الدراسي كان مفاجأة للكثيرين. ولم تكن المفاجأة في القرار ذاته، فهو حق لمجلس الوزراء، ولكن في توقيته المتأخر ومبرراته الواهية فبعد حوالي 60 يوماً من الشد والجذب والتصريحات والتصريحات المضادة، بشأن قرار كان يمكن حسمه من البداية فوجئ الجميع بهذا القرار.

فمنذ نهاية العام الدراسي، والشائعات لا تنتهي بتأجيل بداية الدراسة. ولم يقف الأمر عند حدود الإشاعات، بل كانت التصريحات كلها في الاتجاه نفسه سواء مع إعلان النتائج وتسلم الشهادات أو أثناء امتحانات الثانوية العامة، بل وفي جلسة مجلس الأمة الأخيرة كان تصريح وزيرة التربية كما نقلته الصحف كلها «إن قرار تأجيل الدراسة أمام مجلس الوزراء لاعتماده»... بالله عليكم ما الذي يمكن أن يفهمه أي شخص من هذا التصريح؟

وانتظرنا الاعتماد أسبوعاً وراء أسبوع، وتأتي المانشيتات الصحافية «تأجيل قرار التأجيل»، إلى أن فوجئنا بالقرار الأخير والغريب في ما ذكر من مبررات فقد قيل إن تأجيل البداية سيؤدي إلى تأخير نهاية العام الدراسي، ومن ثم دخول الامتحانات في ظروف مناخية شديدة الحرارة!

فهل تأخير أسبوعين سيؤدي إلى اختلاف المناخ؟ هل تختلف الحرارة في 1/6 عنها في 15/6؟ أم أن منتصف يونيو هو الربيع البديع وبداية يوليو هي الصيف اللاهب؟!

للأسف فتلك الحجة لا يمكن أن يكون لها نصيب من الواقع، فلو أن التأجيل سيؤدي إلى تأخير الامتحانات من يونيو إلى أغسطس مثلاً، لاقتنعنا وفهمنا أن الظروف الجوية قد تختلف.

إن المدة المؤجلة كانت أسبوعين أي بالتحديد 10 أيام دراسية، أي 60 حصة فقط، «فو الله»... لو وزعت هذه الحصص كحصص إضافية على مدار العام الدراسي كله، لوافق الطلبة والمعلمون وانتهى العام الدراسي في موعده.

والأمر الأكثر غرابة أن جمعية المعلمين- وهي المعنية أولاً وثانياً بالعملية التعليمية- فضلاً عن وزارة التربية بمستشاريها ولجانها الفنية كانوا جميعاً، حسبما ذكرت الصحف، يؤيدون تأجيل الدراسة... ألا يُعتبر الأمر غريباً وعجيباً أن يتخذ هذا القرار بعد ذلك؟!

هل يرجع السبب إلى سطوة أصحاب المدارس الأجنبية وضغطهم وحرصهم على الالتزام بمواعيد ثابتة من أجل إجازات مدرسيهم القادمين من الخارج؟ مع العلم بأن للمدارس الأجنبية جدولها الخاص بالتوقيتات طوال العام الدراسي سواء إجازة الكريسماس ورأس السنة، فضلاً عن اختلاف إجازة منتصف العام عن وزارة التربية... فلماذا يخضع مجلس الوزراء الآن لضغط أصحاب المدارس الأجنبية؟!

أم ان هناك عناداً وتشبثاً بالرأي بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة؟ وهل يدفع الطلاب وأولياء أمورهم والمعلمون ثمن هذا العناد؟!

أم ان الأمر لا يعدو انه شهوة السيطرة والتحكم التي تصيب المسؤول العربي فور توليه المسؤولية والجلوس على كرسي القيادة لا لشيء إلا لإثبات أنه صاحب القرار؟ تماماً كما التاجر التركي الذي كانت له تجارته الواسعة وموظفوه الكثر، وعندما أفلس ولم يجد ما يفعله، جلس أمام منزله وأحضر «زيرين»*، وكلما جاء أحد المارة ليشرب من الأول أمره «سيب ده واشرب من ده»، مشيراً إلى الثاني. وإذا جاء آخر ليشرب من الثاني، قال له «سيب ده واشرب من ده».

ولكن حكوماتنا العربية تفوقت عليه فتقول للمواطن: «سيب ده... وسيب ده... واشرب من البحر»!

* الزير: إناء كبير من الفخار لشرب الماء