سخنت أجواء الانتخابات خلال الأسبوع الجاري، بعدما توقع كثيرون أن تكون الأبرد في تاريخ الكويت، نظرا لتفشي حالة الإحباط لدى المواطنين، وتنامي روح السلبية التي قد تدفعهم لعدم التفاعل مع المرشحين، وبالتالي عدم المشاركة يوم السبت بعد المقبل.

Ad

مرشحة الدائرة الثالثة الدكتورة أسيل العوضي، أصدرت بياناً يوم أمس تناولت فيه ما نسب إليها من مقاطع مجتزأة لما قالته في مقرر تدرسه بجامعة الكويت، وللأمانة استمعت لمحتوى المقطع المركب للدكتورة، وبدا واضحاً أنه جزء من حملة ربما تمتد وهذا أول جزء فيها.

لن أخوض في تفاصيل ما بُث وملابساته، لأن الدكتورة أسيل نشرت رداً بخصوصه يوم أمس، وأعلنت أنها أوكلت محامياً لرفع دعوى قضائية تجاه من أراد الإساءة لسمعتها، لذا سأوفر حديثي في هذا الجانب، كونه تحول إلى قضية أودعت صحيفة دعواها لدى الجهاز القضائي.

إن ما يعنيني اليوم هو تحول قاعات الدراسة في جامعة الكويت إلى أفخاخ تمكن مرتاديها من تصيد فرائسها بكل سهولة، فكل ما تحتاج إليه هاتف نقال تسجل فيه محاضرة مدتها 50 دقيقة، على مدى ثلاثة أيام في الأسبوع، طوال الفصل الدراسي، فتخزن حصيلة غزيرة من الكلمات والتعبيرات والأوصاف، وما عليك بعد نهاية الفصل الدراسي إلا تفريغها واقتطاع وتركيب ما تريد منها، لتخرج بـ 4 دقائق، بإمكانها أن تمس ما تشاء من معتقدات أو أمن وطني وغيرها.

خطورة ما حدث أنه يتنافى مع مقصد تحصيل العلم وقدسية الحرم الجامعي، وينذر بمرحلة جديدة من العمل السياسي، ستفرض على الشخصيات العامة مزيداً من الحرص تجاه ما يقولونه حتى لو كان حديث مدرس لطلبته، أو محاضر على مستمعيه في ندوة عامة، وهذا فيه تعدٍ سافر على حرية التعبير والبحث العلمي، لأنه سيفتح باب الريبة وسيفرض مزيداً من القيود.

ما حدث مع الدكتورة أسيل العوضي، ابتزاز سياسي مكشوف ورخيص، بل متوقع من خصوم لا يتمتعون بالقيم الأخلاقية نفسها التي تحملها الدكتورة، ودليل رخصه تمثل في زج زوجات النبي عليه الصلاة والسلام في مقطع صوتي لحقه حديث عن رئيس الوزراء، وسبقه سؤال عن جدوى ارتداء صاحبة هذا الجسم هذا الفستان.

كما لم أستغرب توقيت هذه الحملة، لأنها أتت بعيد رواج رسالة نصية قصيرة منسوبة لمجلس الوزراء، مفادها أنها حلت في المركز الثالث بالدائرة الثالثة، وفقا لاستقصاء أجراه المجلس لأوضاع المرشحين نهاية أبريل الماضي، وخسر بموجبه الدكتور علي العمير وأحمد المليفي مقعديهما، ولم يتمكن فيه محمد الدلال من المحافظة على مقعد ناصر الصانع، أي أن الدائرة وفقا للاستقصاء المزعوم، أخرجت نائباً سلفياً ومرشحاً من الإخوان، لمصلحة امرأتين، هما الدكتورتان أسيل العوضي ورولا دشتي.

كما تزامنت الحملة مع صدور فتوى للحركة السلفية تعتبر فيها "التصويت لمرشحات انتخابات مجلس الأمة لا يجوز شرعاً"، بل أدخلت كل من يمنحهن صوتاً "في دائرة الإثم"، استناداً لرأي يفيد بأن "عضوية المجلس التشريعي تعتبر من الولايات العامة الخاصة بالرجال فقط، دون النساء"، مع العلم بأن أصوات النساء اللاتي شاركن في الانتخابات الماضية والتي سبقتها وصبت لمصلحة مرشحي السلف ونوابهم ومن لف لفهم، أصوات شرعية كاملة الدسم، بما فيها ما ناله مَن أكد لناخباته أنه صوت ضد حقوقهن، فصفقن له وصوتن له، كون الفتوى الصادرة من المكتب الشرعي للحركة السلفية "تؤكد أن مصدري هذا الرأي الشرعي يقفون مع حق المرأة في التصويت، بينما يعتبر الترشح تعديا وتجاوزا للنصوص الشرعية".

خلاصة أسبوعنا الجاري، أرجوكم لا تخلطوا الدين بالسياسة، ولا تدسوا سم الممارسة بعسل العقيدة، ولا تمسوا معتقدات الناس، ولا تؤلبوا على خصومكم أو تحاربوهم بسيف الدين، فالسياسة فن الممكن، والدين لا يقبل المزايدة، و"خلوا العرس يخلص على خير"، مع ضرورة شكر من تكبد عناء التشويه على جهوده، لأنه سخّن أجواء الانتخابات وساهم في رفع مستوى التفاعل، بعد أن أحاط أسيل ورولا بمزيد من المناصرين، ممن سيسمعونه ردهم عليه السبت بعد المقبل في صناديق الاقتراع.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء