تبدأ اليوم عملية تسجيل المرشحين لانتخابات مجلس الأمة المقبل بفصله التشريعي الثالث عشر، لتدشن الموسم الانتخابي، الذي تحفه تحديات عدة أبرزها حالة الإحباط المتفشية بين الناخبين على مستوى الشارع السياسي.

Ad

ومن المنطقي أن تنعكس حالة الإحباط على نسبة المشاركة الآخذة أصلاً في التدني منذ مشاركة المرأة في العمل السياسي، إذ تعاكس ارتفاع عدد الناخبين مع انخفاض نسبة المشاركة، وهو ما بدا واضحا في نسبة المشاركة في انتخابات الفصلين التشريعيين الماضيين اللذين شاركت فيهما المرأة، حيث سجلت نتائج الفصل التشريعي الحادي عشر في عام 2006 مشاركة حوالي 64 في المئة من إجمالي الناخبين، مقابل 81 في المئة في عام 2003 (دون مشاركة المرأة)، فيما سجلت انتخابات العام الماضي النسبة الأدنى على مستوى مجالس الأمة منذ عام 1963 بمشاركة قدرت وقتها بـ 60 في المئة.

كمتابع للانتخابات يقلقني تدني نسبة المشاركة في الانتخابات، لأن في ذلك إشارة مبطنة لمدى إيمان المواطنين بالبرلمان ودوره، وزاد من خشيتي أن المجلس الأخير حُل بعد اختناق العلاقة بين السلطتين، ودون أي إنجاز يذكر وسط تفش للفساد وترد لمستوى الخدمات العامة، كما حُل سابقه أيضاً بالظروف والمعطيات والمؤشرات نفسها، ومن هنا تأتي أهمية المشاركة في الانتخابات المقبلة، التي يتحمل المرشحون أنفسهم المسؤولية الكبرى فيها، كون ما سيطرحونه سيساهم في تفاعل الناخبين وتحفيزهم، إلى جانب عوامل أخرى منها حدة الطرح الطائفي والصراع القبلي- القبلي، إلا أن معياري الأول هو الأهم في هذا المقال.

المجلس الأخير لم يتسنَ له إتمام عامه الأول، وشهد تشكيل حكومتين، وتعطلت جلساته لغياب الوزراء عنه نحو ستين يوماً، يضاف إليها العطلة البرلمانية التي امتدت أربعة أشهر فصلت يوليو عن أكتوبر، وسجلت صفحاته تقديم ثلاثة استجوابات بحق رئيس مجلس الوزراء، وتهديدات حقيقية بالاستجواب طاولت وزيري المالية والتربية، وتكرست فيه مبادئ جديدة تنافي الدستور كالمطالبة بتأجيل الاستجوابات مثلاً، وهي بحق أسباب تدعو للإحباط وربما في جانب منها تفضيل عدم المشاركة، لكن معالجتها بحسب قناعتي تتم بالتغيير وزيادة المشاركة.

يتحمل المرشحون الراغبون في خوض الانتخابات المقبلة مسؤولية رفع نسبة المشاركة، وأتوقع أن يساهم دخول أسماء جديدة للمعترك السياسي، وتنامي فرص مرشحين لم يتسنَ لهم الفوز بالانتخابات الأخيرة، برفع معدلات التفاعل، وهذا لن يتأتى إلا بتبني برامج ورؤى قابلة للتنفيذ، وبرامج واضحة تأخذ طابعاً وطنياً، ولكن العامل الأكثر تأثيراً سيكون تفاعل عدد أكبر من النساء، كونهن يمثلن النسبة الأكبر من إجمالي المقترعين، إلى جانب مساهمتهن في وصول الحال على ما هي عليه، كونهن ساهمن في إيصال نواب التأزيم ومن بينهم من عارض أصلاً إعطاءهن حقوقهن، لكن هذا يُحال إلى مقال آخر.

علينا النظر إلى المستقبل، لأن هذا من شيم المجتمعات الحية، وأولى خطوات التغيير تكون بالمشاركة وإقصاء عناصر التأزيم، لتجديد إيماننا بالديمقراطية والتأكيد أننا شعب ينظر دوماً للأمام.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء