الحديث السائد هذه الايام في بلدنا، بلد «أليس وأرض العجائب»، هو فلتغلق الابواب، ولتتوقف البلاد حتى ينتهي مؤتمر القمة الاقتصادية من اعماله، والسبب هو أننا بحكم العادات والتقاليد، لا يجب أن ننكشف على ضيوفنا الأغراب، فالستر مطلوب، ولنجعل فضائحنا في بيتنا.

Ad

وهكذا تتساوى في بلد «أرض العجائب»، الانتباهة، مع الاغفاءة، مع الدهشة، مع التثاؤب، مع الانبهار مع نوم القيلولة.

بلد يستمتع بانتظار رحمة رب العالمين، ولا يدرك مقولة «اسع يا عبدي وأنا اسعى معك»، مجتمع ينزع ملابسه ويعلقها على قرن ثور هائج، ويقف عاريا في عز البرد والزمهرير، فنحن بلد تتساوى فيه الجدية مع الاستهتار، بل يصبح الاستهتار هو العرف السائد، وهو الفعل المكافأ عليه، بل هو الفعل المفترض.

ويردد البعض أن اجراءات قسرية، وصحوة مضرية، ستشهدها البلاد بعد المؤتمر، وان لحظة الحسم قد حانت، واننا في حالة جمود مؤقت، و«كُمون» (بضم كل الحروف)، خشية من الانكشاف على الاجانب فنحن قوم «نختشي» ولا نخاف، وانه حالما تعم تلك الصحوة الفيافي والقفار، فستنهمر الامطار، وستجري الانهار، وسنحصل على المن والسلوى، وسيصبح كل شيء مفتوحا على كل شيء، حينها فقط سيتم حل المعضلة التاريخية التي اتعبت العلماء لمعرفة السر وراء لماذا يكون «دخول الحمام مش زي خروجه».

انتظروا فقط المؤتمر الاقتصادي، وركزوا عيونكم على آخر طائرة مغادرة، وعلى آخر يد تودع بالسلام، بعدها ستتحول البلاد الى ورشة عمل، وسينسحب الاشرار الى جحورهم، وسينطلق مترو الانفاق من السالمية الى العبدلي في ظرف ثلاث دقائق فقط لا غير، لا بل فإنه سيتم اعلان اللغة العربية لغة رسمية في جليب الشيوخ.

أوهام المؤتمر الاقتصادي، وما سيجري بعده، وهي ذاتها أوهام على جناح التبريزي وتابعه قُفّة، وقبل ان نعزز أجواء الوهم علينا ان نبحث بيننا عن التبريزي وقُفّة، وننهي حالة الوهم ان حلا سحريا سيأتي على ظهر ناقة كل ما فيها سراب في سراب.

وبالتأكيد فإن حالة الجمود الدائم، والفشل المستعصي تحتاج الى اكثر من شوية خجل من الزوار الاجانب لكي لا ننكشف عليهم بفضائحنا.

إنها تحتاج الى شعور بالخجل والاسى أمام استمرار الاوضاع من سيئ الى أسوأ.