Please take the next exit to the right!

نشر في 19-11-2008
آخر تحديث 19-11-2008 | 00:00
 أحمد عيسى بدا المشهد السياسي يوم أمس أكثر قتامة، فالنواب وليد الطبطبائي ومحمد هايف وعبدالله البرغش تمكنوا أخيراً من أخذ الصورة التذكارية مع الأمين العام لمجلس الأمة الذي استلم منهم مبتسما صحيفة استجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.

عادت الأمور إلى المربع الأول مجدداً بين محاولات للاحتواء وأخرى للتهدئة، لمواجهة تيار يريد التصعيد وآخر يترقب، بشأن رجل دين وافد شيعي دخل البلاد بشكل قانوني كما يقول أنصاره، إلا أن ذلك لم يُعجب نواباً سُنّة في البرلمان، فالتفّ حبل الشد السياسي على الحكومة التي وجدت نفسها في المنتصف من دون موقف، ووسط حالة استقطاب طائفي أعادت إلى البلاد أجواء التأبين في فبراير الماضي، إلا أن الأمور في هذه المرة وصلت إلى حد تقديم استجواب بحق رئيسها الشيخ ناصر المحمد، لتضطر الحكومة لترحيل السيد محمد الفالي، قبل أن تعطي المحكمة الحق في إدانته أو تبرئته في قضيته التي لاتزال منظورة أمام المحاكم، ومتناسية أن خطيب المنبر الحسيني قضى ربع القرن الماضي من حياته متنقلا بين الحسينيات الكويتية، ناهيك عن انتمائه إلى فصيل لطالما عُرف عنه ميله إلى الحكومة.

الحالة السياسية في الكويت لم تهدأ منذ أن لجأ النظام إلى إدخال التسويات في اللعبة السياسية، وهنا أساس المشكلة، وسأعود إلى الوراء قليلا لأذكّر بأن حقوق المرأة السياسية لم تقر داخل قاعة عبدالله السالم إلا بعد موافقة الحكومة على زيادة رواتب الموظفين 50 دينارا في الجلسة نفسها، ومنها بدأت حرب التسويات والمساومات، التي انتهت بسحب الجنسية من خمسة أشخاص لاحتواء طلب استجواب أعلن النائب أحمد المليفي نيته قبل أسبوعين تقديمه بحق الشيخ ناصر المحمد.

ترحيل السيد الفالي لن يكون آخر سلسلة التنازلات التي سيقدمها مجلس الوزراء لاحتواء مشروع استجواب رئيسه، أو أحد أركان وزارته، وكذلك لن تقف تأشيرات الـ«لا مانع» الحكومية لمعاملات النواب الذين يوقتون تقديمها خلال النداء بالاسم على التصويت في الجلسات الحاسمة، لأن الجميع يعلم أن «العلة» في حكومة لا تعرف المواجهة.

إن حال الشلل والجمود التي تشهدها البلاد تتحمل مسؤوليتها الحكومة، ومن ورائها النظام، فالإفراط في التفاؤل وعدم قراءة المشهد السياسي بتعقيداته جيدا، وغياب الرؤية والخطة، وتكليف الآخر بافتعال المعارك الجانبية أو إثارة الغبار في الساحة، تجعلنا نمشي دون أن نعرف إلى أين نحن متجهون، وتكشف حاجتنا الماسة إلى GPS سياسي ينبهنا إلى ضرورة الانعطاف يمينا، وأخذ طريق مختصر حينما يزدحم الطريق السياسي، ويتطلب الأمر الوصول إلى موقف عاجل في أسرع وقت.

المشكل الحقيقي في الكويت أن الجميع لا يقرأ التاريخ، ولا يعلمون أن 13 وزيرا وقفوا قبل عامين ونيف ضد إرادة الشعب وقرروا تعطيل ملف الدوائر، فوجدوا أنفسهم اليوم خارج اللعبة السياسية، فقد صوّت الكويتيون ضد النواب الذين دعمهم الوزيران السابقان الشيخ أحمد الفهد ومحمد شرار في الانتخابات البرلمانية صيف 2006، فسقط مؤيداهم على التوالي لتكر بعدها سبحة الوزراء الذين سقطوا واحداً تلو الآخر، وكان آخرهم عبدالله المحيلبي الذي لم يدخل الحكومة الحالية.

كان هذا في ملف الدوائر، ورأيتم النتيجة بأعينكم، ولكم أن تتخيلوا لو قررت الحكومة الحالية التحرك لتعطيل العمل بالدستور، وسأقف هنا قليلا لأذّكر بأن الشعب أيضا يعلم من يتحمل مسؤولية التراجع الذي شهدناه، ويملك قائمة بأسماء «المحاربين بالوكالة» داخل قاعة عبدالله السالم، والشواهد على إسقاط النواب كثيرة، ربما يكون آخرها النائب السابق خالد العدوة.

back to top