هاردلك ... حكومة!

نشر في 12-08-2008
آخر تحديث 12-08-2008 | 00:00
 حمد نايف العنزي حكومتنا، رغم مرور أسبوعين على أحداث الشغب العمالية البنغالية، لاتزال تفتقر إلى القدر الكافي من الشجاعة والثقة بالنفس والقوة، لتفصح عن أسماء شركات استعبدت البشر، وتاجرت بأقواتهم وعرقهم، وحولتهم إلى لصوص ومتسولين ومشاغبين، وأشغلت البلاد والعباد في الأيام الماضية، وأساءت لسمعة الكويت في الخارج أيما إساءة، وأظهرتنا، وكأننا لسنا سوى مجموعة من تجار الرقيق، ظلمة، قساة، عبَاد للدينار، ومصاصي دماء الفقراء!

حكومتنا، لا تملك الجرأة حتى الآن، في أن تقف في وجه بعض تجار المواد الغذائية ممن أعماهم الطمع والجشع، وحسبوا أن الأمور سائبة، بلا حسيب ولا رقيب، فراحوا يرفعون أسعار بعض السلع الضرورية للمواطن بشكل مبالغ فيه للغاية، وكانت حجتهم ولازالت هي «الغلاء العالمي»، رغم أنهم لا يدفعون أي ضرائب للدولة، ولا تأخذ منهم تعرفة جمركية أكثر من خمسة في المئة، ويستخدمون عمالة هي الأرخص على وجه الأرض، وأجور نقل البضائع محليا زهيدة جدا لقرب المسافة بين الجمعية والأخرى، ولرخص سعر البنزين نسبيا، ومع ذلك، تجد أن أسعار سلعهم الغذائية تضاهي، إن لم تكن أغلى من كثير من الدول الأوروبية، التي يكتوي التاجر هناك بنار الضرائب المرتفعة، والجمارك المعتبرة، وكلفة النقل الباهظة الثمن، والأجور العالية للعمال!

حكومتنا، مازالت تواصل عملها الدؤوب بإزالة التعديات والتجاوزات على أملاك الدولة، وهو أمر طيب نحثها ونشجعها عليه، لكنها للأسف، تزيل تجاوزات وتعديات بعض بسطاء القوم من المواطنين، من دواوين وغرف سواق وشجيرات أمام المنازل، بكل همة ونشاط، وبحماس منقطع النظير، لكنها تتجاهل وتتغاضى في الوقت ذاته عن تعديات وتجاوزات بعض كبار القوم أصحاب النفوذ والوساطات، من شاليهات وقسائم صناعية وخلافها، تقام على أراض شاسعة وواسعة من أملاك الدولة، بدعوى أن الدور قادم إليهم لا محالة، وأنه لا داعي للاستعجال بأمر كهذا أبدا، انتظروا وسوف ترون، انتظروا، فإنا من المنتظرين!

حكومتنا، ستمنح «على ذمة بعض الصحف» 2000 دولار، أي ما يعادل رواتب عام ونصف، لكل عامل «ثائر» قام بأعمال شغب من العمال البنغاليين، بعد أن تتكفل بشراء تذكرة سفر له وتقوم بترحيله إلى بلاده معززا مكرما على حسابها، ثم تعاقب العاقل والمؤدب منهم، والذي لم يشارك بأي من الإضرابات أو أحداث الشغب، بأن تبقيه تحت رحمة شركات النظافة، المدللة حكوميا، والتي طلعت من الموضوع برمته، «براءة» مع مرتبة الشرف!

حكومتنا، هي نفسها «تقريبا»، التي قامت منذ أشهر بمداهمة الفرعيات خلال الانتخابات الأخيرة لبعض القبائل، بدعوى تطبيق القانون، وتغاضت في الوقت نفسه عن فرعيات بعض القبائل الأخرى، وحاربت شراء الأصوات في بعض الدوائر وألقت القبض على بعض مرتكبيها، لكنها تجاوزت في الوقت عينه عن شراء الأصوات في دوائر أخرى، كان البيع والشراء واضحا فيها وضوح الشمس، وعلى عينك يا شعب، ويا حكومة!

حكومتنا هي ذاتها التي كافحت وناضلت بمعية عدد من النواب، من أجل «التوفير» خلال جلسة زيادة الخمسين دينارا الأخيرة، وانتهى أمر كفاحها ونضالها، بأن مُنح الموظف العازب الذي يصل راتبه إلى 950 دينارا، زيادة الخمسين دينارا، وحُرم منها رب الأسرة المتزوج الذي راتبه ألف دينار وبرقبته 5 أطفال أو أكثر، وكانت حجتها العجيبة الغريبة كالعادة، هي العدالة بين المواطنين، فيا لها من عدالة حولاء!

حكومتنا، ليس غريبا أن يكون هذا نهجها وهذه طريقتها وهذا أسلوبها، مادامت تفتقد شجاعة القرار، ولا تمتلك روح المبادرة أو القدرة على إيجاد الحلول، ومادام تحركها يأتي متأخراً على الدوام، وحلولها ارتجالية غير مدروسة، تقدمها لنا بعد أن تكبر وتستفحل المشاكل أمام ناظريها، ومواقفها دائما في انتظار ما يصدر من ردود أفعال الصحافة أو النواب أو الدواوين، حكومة هذا وضعها، وهذا طبعها، عليها ألا تُفاجأ أو تستغرب إن فقد الجميع ثقتهم في أدائها، وفي قدرتها على حل أبسط وأهون المشكلات التي تواجهها، وألا تعجب، إن تراجعت هيبتها، وتجاوز كثير من المواطنين قوانينها، وعليها كذلك أن تعذر كل المتشائمين من المستقبل في ظل رعايتها، فالوضع لا يبشر بالخير، والأمور سائرة منذ زمن للخلف دُر، وكل يوم يمر علينا نتراجع فيه خطوات للوراء، في حين يتقدم جيراننا خطوات إلى الأمام، وفشل هذه الحكومة مؤشراته واضحة لكل ذي بصر وبصيرة، لكن كالعادة، نستطيع أن نراهن من الآن، على أن حكومتنا سترمي أسباب فشلها في قادم الأيام، وعلى الصعد المختلفة، على مجلس الأمة والصحافة وربما على المواطنين، وتخرج كالمعتاد «براءة»، تماما، كشركات التنظيف المدللة!

back to top